أن عمر بن الخطّاب خطب يوم الجمعة وذكر نبي الله صلىاللهعليهوسلم ، وذكر أبا بكر ثم قال : رأيت (١) كأن ديكا نقرني نقرة أو نقرتين ، وإنّي لا أراه (٢) إلّا لحضور أجلي ، وإن أقواما يأمرونني أن أستخلف ، وإنّ الله لم يكن ليضيّع دينه ولا خلافته ، ولا الذي بعث به نبيه صلىاللهعليهوسلم ، فإن عجل بي أمر فالخلافة شورى بين هؤلاء الستة الذين توفي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو عنهم راض ، وقد علمت أن أقواما سيطعنون في هذا الأمر ، أنا ضربتهم بيدي هذه على الإسلام ، فإن فعلوا فأولئك أعداء الله الكفرة الضّلّال ، وإنّي لا أدع شيئا بعدي هو أهم إليّ من الكلالة (٣) ، ما راجعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم في شيء ما راجعت في الكلالة ، وما أغلط لي في شيء منذ صاحبته ما أغلظ بالكلالة ، حتى طعن بإصبعه في صدري فقال : «يا عمر أما يكفيك آية الصيف (٤) التي في سورة النساء» [٩٨٢١].
وإنّي إن أعش أقضي فيها بقضية يقضي بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأه.
ثم قال : اللهم إنّي أشهدك على أمراء الأمصار ، فإنّما بعثتهم ليعلّموا الناس دينهم وسنّة نبيّهم صلىاللهعليهوسلم ، ويعدلوا عليهم ، ويرفعوا إليّ ما أشكل عليهم من أمرهم.
ثم إنّكم أيها الناس ، تأكلون من شجرتين ما أراهما إلّا خبيثتين ، هما البصل والثوم ، وقد كنت أرى رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا وجد ريحهما من الرجل في المسجد أمرنا ، فأخذ بيده فأخرج به إلى البقيع ، فمن كان أكلهما لا بد فليمتهما طبخا.
واللفظ لحديث الخفّاف ، وزاد.
قال : وأنا السراج ، نا إسحاق بن إبراهيم ، أنا شبابة ، نا شعبة ، عن قتادة بهذا الإسناد مثله إلى قوله : ويرفعوا إليّ ما أشكل عليهم في أمرهم ، وزاد في الكلالة : وهو ما خلا الأب ، كذا أحسب ـ شك شعبة.
قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد ، أنا علي بن محمّد ، عن عامر بن أبي محمّد قال : قال عيينة ـ يعني ابن حصن الفزاري ـ لعمر بن الخطّاب :
__________________
(١) بالأصل : «أرأيت» والمثبت عن م و «ز».
(٢) بالأصل : لأراه ، والمثبت عن م و «ز».
(٣) الكلالة : أن يموت الرجل ولا يدع ولدا ولا والدا يرثانه (راجع النهاية).
(٤) يعني الآية التي نزلت في الصيف ، وهي الآية التي في آخر سورة النساء : وهي الآية ١٧٦ فيها ، وأولها : يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة (راجع النهاية لابن الأثير).