صرح (١) المسجد ، وباتوا يحرسونها ، فلما أصبح أمر بها ، فكشف عنها فرأى فيها من البيضاء والحمراء ما كاد يتلألأ منه البصر ، فبكى عمر ، فقيل : ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ فو الله إنّ هذا ليوم شكر ويوم فرح (٢) ، فقال عمر : إنّ هذا لم يعطه قوم قطّ إلّا ألقي (٣) بينهم العداوة والبغضاء.
أخبرناه أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا عبد الله بن المبارك (٤) ، أنا معمر ، عن الزهري ، عن إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عوف.
أن عمر بن الخطاب أتي بكنوز كسرى ، فقال عبد الله بن الأرقم : أتجعلها في بيت المال حتى نقسمها؟ فقال عمر : لا والله ، لا أؤويها إلى سقف حتى أمضيها ، فوضعها في وسط المسجد ، وباتوا عليها يحرسونها ، فلما أصبح كشف عنها ، فرأى من الحمراء والبيضاء ما يكاد يتلألأ ، فبكى عمر ، فقال له عبد الرّحمن بن عوف : ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ فو الله إنّ هذا ليوم شكر ، ويوم سرور ، ويوم فرح ، فقال عمر : ويحك إنّ هذا لم يعطه قوم قط إلّا ألقيت بينهم العداوة والبغضاء.
أنبأنا (٥) أبو علي محمّد بن سعيد بن نبهان ، ثم أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن.
ح وحدّثنا أبو الفضل بن ناصر ، أنا أبو طاهر ، وأبو الحسن محمّد بن إسحاق بن إبراهيم ، وأبو علي بن نبهان قالوا : أنا أبو علي بن شاذان ، أنا أبو بكر محمّد بن الحسن بن مقسم ، أنا أبو العباس أحمد بن يحيى ، نا ابن عائشة ، حدّثني سلمة بن سعيد قال :
أتي عمر بن الخطّاب بمال فقام إليه عبد الرّحمن بن عوف ، فقال : يا أمير المؤمنين لو حبست من هذا المال في بيت المال (٦) لنائبة تكون أو أمر يحدث؟ فقال : كلمة ما عرض بها إلّا شيطان ، لقاني الله حجّتها ، ووقاني فتنتها ، أعصي الله العام مخافة قابل ، أعدّ لهم
__________________
(١) في تاريخ الإسلام : «فوضعت في وسط المسجد».
(٢) في تاريخ الإسلام : ويوم سرور.
(٣) في تاريخ الإسلام : ألقيت.
(٤) رواه عبد الله بن المبارك في كتاب الزهد والرقائق في باب ما جاء في ذنب التنعم في الدنيا ص ٢٦٥ رقم ٧٦٨.
(٥) كتب فوقها في «ز» : يؤخر.
(٦) قوله : «في بيت المال» استدرك على هامش «ز» ، وبعده صح.