عنها. ولمّا استقرّت للمأمون الخلافة دعا إبراهيم بن شكلة فوقف بين يديه ، فقال : يا إبراهيم ، أنت المتوثّب علينا تدّعي الخلافة؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، أنت وليّ الثار والمحكم في القصاص والعفو أقرب للتقوى ، وقد جعلك الله فوق كلّ ذي ذنب كما جعل كلّ ذي ذنب دونك ، فإن أخذت أخذت بحقّ ، وإن عفوت عفوت بفضل. فقال المأمون : وقد عفوت عنك يا عمّ.
سبب عزله عن الشام :
قال ابن عساكر : وكان سبب عزل إبراهيم عن الشام أنّه قال : كان سبب ولايتي دمشق أنّ الهادي زوّجني بنت صالح بن المنصور وأمّها أمّ عبد الله بنت عيسى بن عليّ ابن عبد الله بن العبّاس ، وكان لي سبع سنين ، ثمّ إنّي قبل انسلاخ اثنتي عشرة سنة من ولايتي أدركت فأستحثتني أمّ عبد الله بن عيسى بن عليّ على الابتناء بأمّ محمّد ابنة صالح ، فاستأذنت الرشيد في ذلك ، فأعلمني أنّ العبّاسة أخته قد شهدت عليك أنّك حلفت يمينا بطلاقها لحقك فيها الحنث.
قال إبراهيم : وكانت البليّة في هذا الباب أنّ الرشيد رغب في تزويج أمّ محمّد وأراد منّي أن أطلقها فامتنعت عليه من طلاقها فتغيّر عليّ في الخاصّة ولم يقصر بي في العامّة ، فلم أزل في جفوة منه في الخاصّة وسوء رأي ، ويتأدّى إليّ عنه أشياء وأشاهد بما يظهر منه إلى أن استتممت ستّة عشرة سنة ، وصحّ عندي رغبة أمّ محمّد في الرشيد وعلمت أنّها لا تصلح لي فطلّقتها ، فلم يكن بين تطليقي إيّاها وبين ابتناء الرشيد بها إلّا مقدار العدّة ، ثمّ رجع الرشيد إلى ما كنت أعهده من برّه ولطفه قبل ذلك إلى آخر ما أطال فيه ممّا لا فائدة في نقله.
إلى أن قال : فوصل الكتاب من الرشيد بالأنصراف عن دمشق ، فخرجت عن