دمشق إلى الرقّة وبها الرشيد ، فحبسني مائة يوم لم يطلق لي دخول داره ، وحلف على جعفر بن يحيى بن برمك أن لا يجري له عنده ذكر إلى سنة كاملة ثمّ إنّه رضي بعد السنة ، وما زلت أدخل عليه وأنا عنده بالمنزلة التي أريد.
قال ابن عساكر : كان إبراهيم بن المهدي أسود حالك اللون ، عظيم الجثّة ، ولم ير في أولاد الخلفاء قبله أفصح منه لسانا ولا أجود شعرا ، وكان وافر الفضل ، غزير الأدب ، واسع النفس ، سخيّ الكفّ ، وكان معروفا بصنعة الغناء حاذقا بها ، كان من أحسن الناس غناء وأعلمهم به ، وهو شاعر مطبوع مكثر ، ولد سنة اثنتين وستّين ومائة ، وتوفّي بسرّ من رأى سنة أربع وعشرين ومأتين ، وكان اسم أمّه شكله ، وكانت سوداء فنسب إليها ، ويقال له التنّين ، وقد قال فيه دعبل بن عليّ الخزاعي :
لعب ابن شكلة بالعراق وأهلها |
|
فهفا إليه كلّ أطلس مائق |
إن كان إبراهيم مضطلعا بها |
|
فلتصلحن من بعده لمخارق |
قال ابن عساكر والخطيب في تاريخ بغداد : إنّ المأمون لمّا بعث إلى عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام فحمله وبايع له بولاية العهد ، غضب بنو العبّاس وقالوا : لا يخرج الأمر من أيدينا ، فبايعوا إبراهيم بن المهدي وسمّوه المبارك ، فخرج إلى الحسن بن سهل فهزمه وألحقه بواسط ، وأقام إبراهيم بالمداين.
ثمّ إنّ الحسن وجّه جيشا واقتتلوا وانهزم إبراهيم ثمّ إنّه استخفى فلم يعرف خبره حتّى قدم المأمون فظفر به كما تقدّم ، وكانت مدّته منذ بويع له بمدينة السلام إلى يوم استتاره سنة وأحد عشر شهرا وخمسة أيّام ، وأقام في استتاره ستّ سنين وأربعة أشهر وعشرة أيّام ، وقيل : حبسه المأمون ستّة أشهر ثمّ أخرجه وعفا عنه.