حاضرا في محفل إفادته فسأله رجل عن إمكان رؤية الطلعة الغرّاء في الغيبة الكبرى ، وكان بيده الآلة المعدّة لشرب الدخان المسمّاة عند الإيرانيّين بالغليان ، فسكت عن جوابه وطأطأ رأسه وخاطب نفسه بكلام خفيّ أسمعه ، فقال ما معناه : ما أقول في جوابه وقد ضمّني صلوات الله عليه وآله إلى صدره ، وورد أيضا في الخبر تكذيب مدّعي الرؤية في أيّام الغيبة ، فكرّر هذا الكلام ثمّ قال في جواب السائل أنّه قد ورد في أخبار أهل بيت العصمة عليهمالسلام تكذيب من ادّعى رؤية الحجّة عجّل الله فرجه ، واقتصر في جوابه عليه من غير إشارة إلى ما أشار إليه.
قال : ومنها : بهذا السند عن المولى المذكور قال : صلّينا مع جنابه في داخل حرم العسكريّين عليهماالسلام فلمّا أراد النهوض من التشهّد إلى الركعة الثالثة عرضته حالة فوقف هنيئة ثمّ قام ، ولمّا فرغنا تعجّبنا كلّنا ولم نفهم ما كان وجهه ولم يجترئ أحد منّا على السؤال منه إلى أن أتينا المنزل وأحضرت المائدة ، فأشار إليّ بعض السادة من أصحابنا أن أسأل منه ، فقلت : لا وأنت أقرب منّا ، فالتفت رحمهالله إليّ وقال : فيم تقاولون؟ قلت ـ وكنت أجسر الناس على مكالمته ـ : إنّهم يريدون الكشف عمّا عرض بكم في الصلاة؟ فقال : إنّ الحجّة عجّل الله تعالى فرجه دخل الروضة للسلام على أبيه عليهالسلام فعرضني ما رأيتم من مشاهدة جماله الأنور إلى أن خرج منها.
قال : ومنها : بهذا السند عن ناظر أموره في أيّام مجاورته بمكّة المعظّمة قال : كان رحمهالله مع كونه في بلد الغربة منقطعا عن الأهل والإخوة ، قويّ القلب في البذل والعطاء ، غير مكترث بكثرة المصارف ، فاتفق في بعض الأيّام أن لم نجد إلى درهم سبيلا ، فعرّفته الحال وكثرة المؤونة وانعدام المال ، فلم يقل شيئا ، وكان دأبه أن يطوف بالبيت بعد الصبح ويأتي إلى الدار فيجلس في القبّة المختصّة به ونأتي إليه بغليان فيشربه ثمّ يخرج إلى قبّة أخرى اجتمع فيه تلامذته من كلّ المذاهب فيدرس لكلّ على مذهب.