فلمّا رجع عن الطواف في اليوم الذي شكوت في أمسه نفوذ النفقة وأحضرت الغليان على العادة فإذا بالباب يدقّه أحد ، فاضطرب رحمهالله أشدّ الأضطراب وقال لي : خذ الغليان وأخرجه من هذا المكان ، وقام مسرعا إلى الباب خارجا عن الوقار والسكينة والآداب ، ففتح الباب ودخل شخص جليل في هيئة الأعراب وجلس في تلك القبّة وقعد السيّد رحمهالله عند بابها في نهاية الذلّة والمسكنة ، وأشار إليّ أن لا أقرّب عليه الغليان ، فقعدا ساعة يتحدّثان ، ثمّ قام فقام السيّد رحمهالله مسرعا وفتح الباب وقبّل يده وأركبه على جمله الذي أناخه عنده ومضى لشأنه ورجع السيّد رحمهالله متغيّر اللون وناولني براءة وقال : هذه حوالة على رجل صرّاف قاعد في جبل الصفا فاذهب إليه وخذ منه ما أحيل عليه.
قال : فأخذتها وأتيت بها إلى الرجل الموصوف ، فلمّا نظر إليها قبّلها وقال : عليّ بالحماميل ، فذهبت وأتيت بأربعة حماميل ، فجاء من الدراهم من الصنف الذي يقال له ريال فرانسة يزيد كلّ واحد على خمسة قرانات العجم ما كانوا يقدرون على حمله ، فحملوها على أكتافهم وأتينا بها إلى الدار ، ولمّا كان في بعض الأيّام ذهبت عند الصرّاف لأسأل منه حاله وممّن كانت تلك الحوالة ، فلم أر صرّافا ولا دكّانا ، فسألت من بعض من حضر في هذا المكان عن الصرّاف ، فقال : ما عهدنا في هذا المكان صرّافا أبدا وإنّما يقعد فيه فلان ، فعرفت أنّه من أسرار الملك المنّان ، وألطاف وليّ الرحمان.
قال : وحدّثني بهذه الحكاية الشيخ العالم الفقيه والنحرير المحقّق الوجيه ، صاحب التصانيف الرائعة والمناقب الفائقة الشيخ محمّد حسين الكاظمي المجاور بالغري عمّن حدّثه من الثقات عن الشخص المذكور.
قال : ومنها : ما حدّثني به العالم المحقّق النحرير ، أسوة العلماء وقدوة الفقهاء السند ، والحبر المعتمد ، السيّد علي حفيد السيّد المؤيّد بحر العلوم قدسسره عن المولى