البشر ومنتهى أطواره ، إلى المجتبي وموجود الوجود لم يغن بمطلق الوجود عديمه ، المصطفى من ذرية آدم قبل أن يكسو العظام أديمه ، المحتوم في القدم ، وظلمات العدم ، عند صدق القدم ، تفضيله وتقديمه ، إلى وديعة النور المنتقل في الجباه الكريمة والغرر ، ودرة الأنبياء التي لها الفضل على الدّرر ، وغمام الرحمة الهامية الدّرر ، إلى مختار الله تعالى المخصوص باجتبائه ، وحبيبه الذي لم المزية على أحبائه ، وذرية أنبياء الله تعالى آبائه ، إلى الذي شرح صدره وغسله ، ثم بعثه واسطة بينه وبين العباد وأرسله ، وأتمّ عليه إنعامه الذي أجزله ، وأنزل عليه من الهدى والنور ما أنزله ، إلى بشرى المسيح والذبيح ، ومن لهم التّجر الربيح ، المنصور بالرعب والريح ، المخصوص بالنسب الصريح ، إلى الذي جعله في المحول غماما ، وللأنبياء إماما ، وشقّ صدره لتلقّي روح أمره غلاما ، وأعلم به في التوراة والإنجيل إعلاما ، وعلم المؤمنين صلاة عليه وسلاما ، إلى الشفيع الذي لا تردّ في العصاة شفاعته ، والوجيه الذي قرنت بطاعة الله تعالى طاعته ، والرؤوف الرحيم الذي خلصت إلى الله تعالى في أهل الجرائم ضراعته ، صاحب الآيات التي لا يسع ردها ، والمعجزات التي أربى على الألف عدها ، فمن قمر شقّ ، وجذع حن له وحق ، وبنان يتفجّر بالماء ، فيقوم بريّ الظماء ، وطعام يشبع الجمع الكثير يسيره ، وغمام يظلّل به مقامه ومسيره ، خطيب المقام المحمود إذا كان العرض ، وأول من تنشقّ عنه الأرض ، ووسيلة الله تعالى التي لولاها ما أقرض القرض ، ولا عرف النفل والفرض ، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف المحمود الخلال من ذي ، الشاهد بصدقه صحف الأنبياء وكتب الأرسال ، وآياته التي أثلجت القلوب ببرد اليقين السلسال ، صلى الله وسلّم ما ذرّ شارق ، وأومض بارق ، وفرق بين اليوم الشامس والليل الدامس فارق ، صلاة تتأرج على شذا الزّهر ، وتتبلّج عن سنا الكواكب الزّهر ، وتتردد بين السر والجهر ، وتستغرق ساعات اليوم وأيام الشهر ، وتدوم بدوام الدهر :
«من عبد هداه ، ومستقري مواقع نداه ، ومزاحم أبناء أنصاره في منتداه ، وبعض سهامه المفوقة إلى نحور عداه ، مؤمّل العتق من النار بشفاعته ، ومحرز طاعة الجبّار بطاعته ، الآمن باتصال رعيه من إهمال الله تعالى وإضاعته ، متخذ الصلاة عليه وسائل نجاة ، وذخائر في الشدائد مرتجاة ، متاجر بضائعها غير مزجاة ، الذي ملأ بحبّه جوانح صدره ، وجعل فكره هالة لبدره ، وأوجب حقّه على قدر العبد لا على قدره ، محمد بن يوسف بن نصر الأنصاري الخزرجي ، نسيب بعد سعد بن عبادة من أصحابه ، وبوارق سحابه ، وسيوف نصرته ، وأقطاب دار هجرته ، ظلّله الله تعالى يوم الفزع الأكبر من رضاك عنه بظلال الأمان ، كما أنار قلبه من هدايتك بأنوار الهدى والإيمان ، وجعله من أهل السياحة في فضاء حبّك والهيمان :
«كتبه إليك يا رسول الله ـ واليراع تقتضي الهيبة صفرة لونه ، والمداد يكاد أن يحول سواد جونه ، وورقة الكتاب يخفق فؤادها حرصا على حفظ اسمك الكريم وصونه ، والدمع