لقربها من بلاد بني عمه ملوك تركستان وما وراء النهر ، ثم خالفت عليه الامراء ممن لم يحضر لقتل القان وقطعوا الطرق وعظمت الفتن (١٠٠).
ذكر رجوعي إلى الصين ثم إلى الهند
ولما وقع الخلاف وتسعّرت الفتن أشار عليّ الشيخ برهان الدين وسواه أن أعود إلى الصين قبل تمكن الفتن ، ووقفوا معي إلى نائب السلطان فيروز فبعث معي ثلاثة من أصحابه وكتب لي بالضيافة ، وسرنا منحدرين في النهر الى الخنسا ثم إلى قنجنفو ، ثم إلى الزيتون فلما وصلتها وجدت الجنوك على السفر الى الهند (١٠١) ، وفي جملتها جنك للملك الظاهر صاحب الجاوة ، أهله مسلمون وعرفني وكيله ، وسرّ بقدومي ، وصادفنا الريح الطيّبة عشرة أيام ، ولما قاربنا بلاد طوالسى تغيرت الريح ، وأظلم الجو وكثر المطر ، وأقمنا عشرة أيام لا نرى الشمس ، ثم دخلنا بحرا لا نعرفه وخاف أهل الجنك فأرادوا الرجوع إلى الصين فلم يتمكن ذلك وأقمنا اثنين وأربعين يوما لا نعرف في أي البحار نحن!
ذكر الرّخ
ولما كان في اليوم الثالث والاربعين ظهر لنا بعد طلوع الفجر جبل في البحر بيننا وبينه نحو عشرين ميلا والريح تحملنا الى صوبه ، فعجب البحرية ، وقالوا : لسنا بقرب من البر ، ولا يعهد في البحر جبل ، وان اضطرتنا الريح اليه هلكنا ، فلجأ الناس الى التضرّع والإخلاص وجدّدوا التوبة ، وابتهلنا الى الله بالدعاء وتوسلنا بنبيه صلىاللهعليهوسلم ، ونذر التجار الصدقات الكثيرة ، وكتبتها لهم في زمام بخطي ، وسكنت الريح بعض سكون ، ثم رأينا ذلك
__________________
(١٠٠) يلاحظ أنه طوال القرن الرابع عشر فان آسيا الوسطى : فيما بين الصين وبين الفرس ، كانت أحيانا موحدة تحت حكم الخانات المنحدرين من شاغاطاي (Chaghatai) الولد الثاني لجنگيز خان وأحيانا كانت موزعة بين اثنين أو ثلاثة من الأمراء غالبا في تلك الأسرة.
وعن تركستان التي ذكرها ابن بطوطة فإنه يقصد إلى موغولستان ... هذا وابتداء من عام ١٣٤٧ إلى ١٣٦٣ فإن هذه كانت محكومة من لدن تغلق تيمور الذي يدعى أنه منحدر من شاغاطاي والذي احتل طرانسو كسانيا ـ لم يكن أحد من هؤلاء الأمراء ابنا لأخي طوغون تيمور الامبراطور المغولي للصين ولا ابن عمّ لفيروزBeckingham ,IV P ١٩ O N ٠ ٢٧
(١٠١) نرى ابن بطوطة يعود إلى مضيق طايوان ليأخذ طريق البحر مرة أخرى عائدا من حيث أتى على خلاف العادة التي كان اعلن عنها في بداية الرحلة وهو في عبادان (III ، ٢١) من أنه لا يعود على طريق سلكها ما امكنه ذلك عاد إلى بلاد الهند ، وها هو يصادف جنكا للملك الظاهر سالف الذكرIV ، ٢٣٠ وسنلاحظ من الآن ان الرحالة المغربي لا يكرر الحديث ولا التعريف بالمواقع التي سبق له أن علق عليها.