والكرامة (٦٩) إن شئت في النهر والّا ففي البر فاخترت السفر في النهر فجهزوا لي مركبا حسنا من المراكب المعدة لركوب الأمراء ، وبعث الأمير معنا أصحابه ووجه لنا الامير والقاضي والتجار المسلمون أزوادا كثيرة ، وسرنا في الضيافة نتغدّى بقرية ونتعشى بأخرى ، فوصلنا بعد سفر عشرة أيام الى مدينة قنجنفو (٧٠) ، وضبط اسمها بفتح القاف وسكون النون وفتح الجيم وسكون النون الاخر وضم الفاء وواو. مدينة كبيرة حسنة في بسيط أفيح ، والبساتين محدقة بها فكأنها غوطة دمشق ، وعند وصولنا خرج إلينا القاضي وشيخ الاسلام والتجار ومعهم الأعلام والطبول والأبواق والأنفار وأهل الطرب وأتونا بالخيل فركبنا ومشوا بين أيدينا ، لم يركب معنا غير القاضي والشيخ ، وخرج أمير البلد وخدامه ، وضيف السلطان عندهم معظم أشد التعظيم ، ودخلنا المدينة ولها أربعة أسوار يسكن ما بين السور الاول والثاني عبيد السّلطان من حراس المدينة وسمّارها ويسمون البصوانان (٧١) بفتح الباء الموحدة وسكون الصاد المهمل وواو وألف ونون والف ونون ، ويسكن ما بين السور الثاني والثالث الجنود المركبون والامير الحاكم على البلد ، ويسكن داخل السور الثالث المسلمون ، وهنالك نزلنا عند شيخهم ظهير الدين القرلاني ، بضم القاف وسكون الراء ، ويسكن داخل السور الرابع الصينيون ، وهو أعظم المدن الأربعة ومقدار ما بين كلّ باب منها والذي يليه ثلاثة أميال وأربعة ولكل إنسان كما ذكرناه بستانه وداره وأرضه.
حكاية [قوام الدّين السبتي]
وبينما أنا يوما في دار ظهير الدين القرلاني إذا بمركب قوام الدين السّبتي ، فعجبت من اسمه! ودخل إليّ ، فلما حصلت المؤانسة بعد السلام سنح لي أني أعرفه ، فأطلت النظر
__________________
(٦٩) يلاحظ بعض المعلقين أنه من البعيد أن تكون الدعوة قد وجهت إلى ابن بطوطة لأنه لا يمتلك أية حجة على أنه يحمل صفة سفير. ونعتقد أن تقديم ابن بطوطة من لدن السفير الصيني الذي كان في الهند والذي صادفه في مدينة الزيتون يمكن أن يكون حجة على أنه مبعوث من ملك الهند.
(٧٠) كما فعلت في الأعلام الجغرافية الصينية الأخرى التي أشكلت علي ، فقد استنجدت بالمركز الوطني الصيني للخريطة فتلقيت من زميلي الأستاذ دوشيان مينگ Du Xiangming مدير المركز ما يلي : ان قان جان فو لا تتفق الآراء حول موقعها في الصين بيد أن الرأي السائد أنها تقع بين مدينة الزيتون Quanzhou وبين الخنساء ، (Hangzhou) ... أنظر ملحق المراسلات.
(٧١) حراس اللّيل والكلمة فارسية (Pashanan) نلاحظ مرة أخرى هيمنة اللغة الفارسية في المحيط الصيني.