اسم خاص ، ولا مصدر يعود الضمير عليه على أصله وذلك مستعمل فصيح فاش في العربية.
وقد يأتي في مثل هذا فعل أو اسم فاعل يدلّ على مصدر يعود الضمير إليه دون لفظ جملة من كلام يحمل عليه ، فأما الفعل الدال على مصدره فكقولهم : من كذب كان شرا له ؛ أضمر في «كان» الكذب الذي دل عليه «كذب» ، وعاد الضمير إليه ، وإن لم يأت على تبينه (١) قال الله تعالى : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ)(٢) يعني البخل الذي لم يأت على خاصّ لفظه اكتفاء بدلالة الفعل الذي هو يبخلون عليه ، وأما اسم الفاعل فكقولهم : إذا أحسن كما أمر فجازه عليه ، يريد على إحسانه الذي دلّ عليه أحسن ، ورجع عائد الضمير إليه ، وهذا مثل قول الشاعر (٣) :
إذا نهى السفيه جرى إليه |
|
وخالف والسفيه إلى خلاف |
أراد إلى السفيه ، على ما بيّنا ، وقد يكتفون في هذا الباب بدلالة العهد والحال ، وتجلي الأمر الشائع فيه ، قال الله عز ذكره : (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ)(٤) ، وقال تعالى : (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ)(٥) فأعاد الضمير على الأرض ولم يجر لها في هذه القصة ذكر. وقال [جل ثناؤه :](إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)(٦) يعني القرآن. وقال : (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ)(٧) ، يعني الشمس. في قول جمهور أهل العلم.
قال الشاعر (٨) :
هذا مقام قدمي رباح |
|
عدوه حتى دلكت براح |
يريد الشمس ، وقال الله تعالى أصدق القائلين : (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً)(٩) يريد الوادي أو الموضع أو المكان أو المنزل. وهذا باب واسع وله شرح ليس هذا موضعه. وقد أتينا منه هاهنا بما يكفي (١٠) منه بعضه بل هو جميعه.
__________________
(١) كذا بالأصل والمطبوعة ، وفي الجليس الصالح : بنيته.
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ١٨٠.
(٣) البيت في الجليس الصالح ٣ / ٣٨٣ وخزانة الأدب ٢ / ٣٨٣ والخصائص ٢ / ٤٩ ومعاني القرآن للفراء ١ / ١٠٤.
(٤) سورة النحل ، الآية : ٦١.
(٥) سورة فاطر ، الآية : ٤٥.
(٦) سورة القدر ، الآية الأولى.
(٧) سورة ص ، الآية : ٣٢.
(٨) تاج العروس : (برح ، ربح) ، ومجاز القرآن ١ / ٣٨٧ ومجالس ثعلب ٣٧٣ ، ونوادر أبي زيد ص ٣١٥.
(٩) سورة العاديات ، الآيتان ٤ و ٥.
(١٠) رسمها غير واضح وبدون إعجام بالأصل وصورتها : «بلعى» والمثبت عن الجليس الصالح.