محدود بطريقة سهلة التناول والتحلي بثمرة تلك العلوم وهي محاسن الاخلاق والأعمال».
وكتاب الشيخ عبد الكريم سجل مفصل لأعمال مجلس الإدارة يهدي القارىء الى الفرق بين وجهة الإصلاح في عهد الشيخ عبده التي كانت ترمي إلى احداث نهضة علمية دينية يكون الأزهر حامل لوائها ، وبين الإتجاهات الأخرى.
ومن حضر بعض عهد الإمام في الأزهر شهد ذلك المعهد العتيق يبعث من مرقده حيا يضطرم بالشباب والأمل ورأى نهضة صحيحة في الدراسات الأدبية ودراسة العلوم العقلية وعلوم الدين والعلوم الحديثة .. نهضة تحتفظ بأحسن ما في معارف الأزهر وتقاليده التعليمية وتقتبس خير ما في النظم والمعارف الحديثة وأخذ الشيخ محمد عبده يبث في العقول مذاهبه وآراءه في كتبه ورسائله ، وفي دروسه ومحاضراته التي كانت تجتذب بطرافتها وسمو أفكارها وخلابة بيانها كل الطبقات المثقفة من أزهريين وغير أزهريين. وجملة مذهبه الديني أن الاسلام دين بساطة ويسر يلائم الفطرة ويوافق العقل ، وأنه قد جاء بعقائد سليمة لا تعلو على متناول الفكر الانساني وجاء بأصول للفضيلة والخير تغري بالصالحات وتوفر للإنسان حريته وكرامته وتبعثه للنشاط والكمال في كل نواحي الحياة.
«فهل رأيت تسامحا مع الفلاسفة والحكماء أوسع من هذا؟ وهل يليق بالحكيم أن يكون من الحمق بحيث يقول قولا لا يحتمل الإيمان من وجه واحد من مائة وجه؟».
كانت العقول المتعطشة الى الحرية تتهافت على هذا الداعي إلى حرية العقول ، وتثور على قيودها وأغلالها ، لكن أكثر العقول قد ألفت سجنها واطمأنت إليه ، فهي تنزعج لهذه الصيحة الجديدة وتدفعها بكلتا اليدين. وأصبح الأزهر ميدانا لصراع محتوم بين مذهب الشيخ محمد عبده