ولده الحسين بن النعمان قاضي الحاكم بأمر الله (١). ومن المرجح أن فقيه مصر ومؤرخها الكبير الحسن بن زولاق (المتوفى سنة ٣٨٧ ه) ، كان من الذين تولوا الدراسة بالأزهر يومئذ ، فقد كان صديق المعز لدين الله ومؤرخ سيرته ، ثم صديق ولده العزيز من بعده. ومن المعقول أن يقع الاختيار عليه للتدريس بالمعهد الفاطمي الجديد ، كما يقول عنان.
وهناك من أعلام الفكر والأدب في هذا العصر من كانت لهم صلة علية بالأزهر فتلقوا دراستهم كما يقول عنان أو تولوا التدريس فيه ، فمنهم المسبحي الكاتب والمؤرخ الشهير ، وهو الأمير المختار عز الملك محمد ابن عبد الله بن أحمد الحراني ، ولد بمصر سنة ٣٦٦ ه ، وتوفي سنة ٤٢٠ ه. وكان من أقطاب الأمراء والعلماء ، تولى الوزارة للحاكم بأمر الله ونال حظوة لديه ، وأخذ بقسط في مختلف علوم عصره ، ومن المعقول أن يكون المسبحي وهو من أولياء الفاطمية وأقطاب علمائها من أساتذة المعهدين الفاطميين : دار الحكمة والأزهر. وشغف المسبحي بتدوين التاريخ وألف فيه عدة كتب منها تاريخه الكبير المسمى «أخبار مصر» ، وهو أثر ضخم يتناول تاريخ مصر وما بها من الأبنية والعجائب ، وذكر نيلها وأقاليمها ومجتمعاتها حتى أوائل القرن الخامس الهجري ، ولم يصلنا هذا الأثر الذي يلقى بلا ريب أعظم ضوء على تاريخ الدولة الفاطمية في عصرها الأول ، ولكن الشذور التي وصلتنا منه على يد المقريزي وغيره من المؤرخين المتأخرين تنوه بقيمة هذا الأثر ونفاسته. وكتب المسبحي كتبا أخرى في التاريخ والأدب والفلك ولكنا لم نتلق شيئا منها (٢).
ومنهم أبو عبد الله القضاعي الفقيه والمحدث والمؤرخ ، وهو محمد ابن سلامة بن جعفر. ولد بمصر في أواخر القرن الرابع ، وتوفي بها
__________________
(١) ابن خلكان ج ٢ ص ٢١٩ ـ ٢٢٣. وحسن المحاضرة ج ١ ص ٢٦٨ ، وذيل قضاة مصر (ملحق كتاب الكندي) ص ٥٨٩ و٦١٠ و٦١١
(٢) راجع في ترجمة المسبحي ، ابن خلكان ج ١ ص ٦٥٣ وحسن المحاضرة ج ١ ص ٢٦٥