«وأذكركم ـ حتى لا يغيب عن أذهانكم ـ تاريخ هذا الغاصب الرابض في دياركم ، وما اعتاده من سياسة التفريق طلبا للسيادة ورغبة في السلطان وبسطا للنفوذ ، لمصلحته هو لا لمصلحة أحد سواه. وأذكركم جميعا مسلمين وأقباطا بماضيكم المجيد. فقد قمتم كتلة واحدة تطالبون باستقلال البلاد واستكمال حريتها ، وتبوئها مكانة سامية بين الأمم. وأشهدتم العالم كله على وحدتكم وائتلافكم».
«وإني أعيذكم بالله من التفرق واختلاف الكلمة ، فتضيع جهودكم الكبيرة التي بذلتموها في سبيل عزتكم وعزة بلادكم».
«واعلموا أن النصر المؤزر لقضيتنا رهن باتحاد صفوفنا واجتماع كلمتنا ، ووقوفنا جميعا في وجه عدونا ، حتى تظفر بلادنا بما تصبو إليه من السيادة والحرية والاستقلال ، ويتمتع أهلها جميعا بالأخوة الصادقة والاطمئنان على أموالهم وأنفسهم».
وحين اشتد حنق الإنكليز في القناة والإسماعيلية فأنزلوا عذابهم على القرى الآمنة أصدر الشيخ منشورا جاء فيه :
«إن شعب وادي النيل الباسل في كفاحة السلمى لإخراج المغتصبين المحتلين من بلاده لم يجاوز حقه الشرعي في الدفاع عن عقيدته والمطالبة بحريته ، ولكن هذا الدفاع لم يرق في أعين المحتلين من الإنجليز ، فعملوا بكل الوسائل العدوانية على توهين وحدته ، واندسوا في صفوفه ، يشيعون الأراجيف لتفريق كلمته. فلما واجههم الشعب وحدة متراصة ، وقام في وجههم على قلب رجل واحد يطالب بحقه في الحياة الحرة طاشت أحلامهم ولجئوا إلى القوة الغاشمة يسلطونها على الآمنين في ديارهم ، وعلى النساء في خدورها ، وعلى الأطفال في مهادها».
«وكلما زاد الشعب تمسكا بحقه وصبرا على هذا العنت زاد عسفهم ، وتعددت مظالمهم ، حتى خرجوا على كل شرعة ، وبزوا كل ما عرف من أعمال التنكيل التي اشتهرت بها محاكم التفتيش ، وما قام به النازيون من