لقد صنع رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعثمان أمرا ما صنعه بي ولا بأبي بكر ، ولا بعمر ، قلنا : وما صنع به يا أمير المؤمنين؟ قال : كنا حول رسول الله صلىاللهعليهوسلم جلوسا وقدمه وساقه مكشوفة إلى رأسه ركبتيه ، وساقه في ماء بارد كان يضرب عليه عضلة ساقه ، فكان إذا جعله في ماء بارد سكن عنه ، فقلت : يا رسول الله ما لك لا تكشف عن الركبة؟ فقال : «إنّ الركبة من العورة يا علي» ، فبينا نحن حوله إذ (١) طلع علينا عثمان فغطّى ساقه وقدمه بثوبه ، فقلت : سبحان الله يا رسول الله ، كنا حولك وساقك وقدمك مكشوفة ، فلمّا طلع علينا عثمان غطّيته ، فقال : «أما أستحي ممن تستحي منه الملائكة»؟ ، ثم طلع علينا عمر فقال : يا رسول الله ألا أعجّبك من عثمان ، قال : «وما ذاك؟» قال : مررت به آنفا وهو حزين كئيب ، فقلت : يا عثمان ما هذا الحزن والكآبة التي بك؟ قال : ما لي لا أحزن يا عمر وقد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «كلّ نسب وصهر مقطوع يوم القيامة إلّا نسبي وصهري» ، وقد قطع صهري من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فعرضت عليه حفصة بنت عمر ، فسكت عني ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا عمر أفلا أزوّج حفصة من هو خير من عثمان؟» قال : بلى يا رسول الله ، قال : فتزوّج رسول الله صلىاللهعليهوسلم حفصة في ذلك المجلس ، وزوّج عثمان بنته الأخرى ، فقال بعض من حسد عثمان : بخ ، بخ ، يا رسول الله تزوّج عثمان بنتا بعد بنت ، فأي شرف أعظم من ذا؟ قال : «لو كانت لي أربعون بنتا زوّجت عثمان واحدة بعد واحدة ، حتى لا يبقى منهن واحدة» ، ونظر إلى عثمان ، فقال : «يا عثمان أين أنت وبلوى تصيبك من بعدي؟» قال : ما أصنع يا رسول الله؟ قال : «صبرا ، صبرا يا عثمان حتى تلقاني والربّ عنك راض» [٧٧٧٢].
أنبأنا أبو سعد المطرّز ، وأبو علي الحدّاد ، قالا : أنا أبو نعيم ، نا محمّد بن علي بن حبيش ، نا حبّان بن إسحاق البلخي ، نا محمّد بن مدّويه ، نا الجارود بن يزيد ، نا حجّاج بن أرطأة ، عن عمير بن سعيد ، عن عمارة بن رويبة (٢) ، قال :
خرج علينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو آخذ بيد عثمان ، فقال : «ألا أبو أيّم صالح أو أخوها يزوّجها من عثمان ، فلو كان عندي ثالثة زوّجتها إياه» [٧٧٧٣].
أنبأنا أبو علي الحداد وجماعة ، قالوا : أنا أبو بكر بن ريذة (٣) ، أنا سليمان بن أحمد ، نا
__________________
(١) الأصل وم : إذا.
(٢) الأصل : «روبة» وفي م : «روية» والصواب ما أثبت وضبط ، ترجمته في تهذيب الكمال ١٤ / ١٠.
(٣) بالأصل وم : زيده ، تصحيف ، والصواب ما أثبت وضبط ، تقدم التعريف به ، والسند معروف.