جاءني عبد الرّحمن بن عوف بعد هجيع (١) من الليل ، فقال : ما ذاقت عيناي كبير (٢) نوم منذ هذه الثلاث ليال ، قال : ادع لي فلانا ـ يعني عليا (٣) ـ وعثمان وسعد والزبير ـ فدعوتهم ، فجعل يخلو بهم واحدا واحدا ، يأخذ عليه ، فلمّا أصبح صلّى صهيب بالناس ، ثم (٤) جلس عبد الرّحمن وقد أحضر هؤلاء النفر ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إنّي رأيت الناس يأبون إلّا عثمان.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنا أبو حامد أحمد بن الحسن ، أنبأ أبو سعد بن حمدون ، أنا أبو حامد بن الشرقي ، نا محمّد بن يحيى الذهلي ، نا يزيد بن عبد ربه ، نا محمّد بن حرب ، عن الزبيدي [عن] الزهري عن حميد بن عبد الرّحمن أن المسور بن مخرمة أخبره.
أن الرهط الذين كانوا ولاهم عمر اجتمعوا فتشاوروا ، فقال لهم (٥) عبد الرّحمن بن عوف : لست بالذي أنافسكم هذا الأمر ولكنكم إن شئتم اخترت كلّا منكم ، فجعلوا ذلك إلى عبد الرّحمن بن عوف ، قال : فو الله [ما](٦) رأيت رجلا بذّ قوما قطّ أشدّ مما بذّهم به حين ولوه أمرهم ، حتى ما من رجل من الناس يبتغي عند أحد من أولئك الرهط رأيا ولا يطئوا عقبه ، ومال الناس على عبد الرّحمن بن عوف يشاورونه (٧) ويناجونه تلك الليالي لا يخلو به رجل ذو رأي فيعدل بعثمان أحدا ، حتى إذا كان من الليلة التي أصبح منها فبايع.
قال المسور : طرقني عبد الرّحمن بعد هجع (٨) من الليل ، فضرب الباب حتى استيقظت ، فقال : ألا أراك نائما ، والله ما اكتحلت منذ هذه الثلاث كبير نوم ، انطلق وادع لي رجالا من المهاجرين ، نشاورهم ، ثم أرسلني بها بعد ما ابهارّ الليل (٩) ، فدعوت له عليا فناجاه (١٠) طويلا ثم قام عليّ من عنده ، ثم جاءني فقال : ادع لي عثمان ، آخر من ناجى وآخر من دعا ، فانتحى هو وعثمان حتى فرق التأذين للفجر بينهما ، فلمّا صلّوا صلاة الفجر جمع
__________________
(١) أي طائفة منه (اللسان).
(٢) تقرأ بالأصل : كثير ، وتقرأ : كبير ، وفي م : كبير ، وهو ما أثبتناه ، وفي التاريخ الصغير : كثير.
(٣) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : يعني عثمان وعليا ...
(٤) ما بين الرقمين سقط من م.
(٥) ما بين الرقمين سقط من م.
(٦) الزيادة عن م.
(٧) بالأصل : ويشاورونه.
(٨) الهج والهجيع الطائفة من الليل.
(٩) الأصل وم : انهار ، والتصويب عن التاج ، وفيه : ابهارّ الليل أي انتصف. (تاج العروس بتحقيقنا : بهر).
(١٠) الأصل وم : فناجاني ، والتصويب عن المطبوعة والمختصر.