بأن هذا الإمام : « أو مدعي الإمامية » طامع بالخلافة ، ومعتقد أنه أولى بها من الخليفة المتغلب ، لذلک کان کل خليفة متغلب يتوجس خيفة من الإمام الشرعي المعاصر له ، فيضيق عليه ، ويحط من قدره ، ويتصنع عدم الاکتراث به ، وکثيراً ما کانت تملک الوساوس والمخاوف الخليفة المتغلب ، ولا يطيق إمام زمانه ، فيتآمر مع حاشيته ويقتلون خفية أو بالسم إمام الزمان.
أما الإمام الثاني عشر وهو الإمام المهدي : « محمد بن الحسن » فقد اختلف أمره ونهجه وإسلوبه ونمط حياته ، عن الأئمة الأحد عشر السابقين ، فقبل ولادته بفترة انتشرت شائعات على نطاق واسع مفادها أن ملک بني العباس سيزول علي يد رجل من آل محمد يقال له المهدي ، لذلک کانت کلمة المهدي أشد خطراً وثقلا ًعلى أسماع الدولة العباسية وأرکانها من کلمات الکفر ، والإلحاد ، والشيطنة فجندت الدولة مخابراتها وأجهزتها السرية للتحري والبحث عن هذا المهدي ، هذه الحملة اضطرت الإمام الوالد الحسن العسکري أن يخفي نبأ ولادة ابنه ، وأن لا يذکر اسم المولود ألا للخلص من أتباعه ، حيث أفضى لهم باسم ابنه ، وأنه الإمام من بعده الوارث لعلمي النبوة والکتاب ، وانتقل الإمام الحادي عشر إلى جوار ربه وآلت الإمامة إلى الصبي محمد بن الحسن : « المهدي المنتظر » وکان عمره خمس سنين ، وعرفت الدولة العباسية وکافة أرکانها بأن الإمام الحادي عشر الحسن العسکري قد مات ، وأن عمادة أهل بيت النبوة قد آلت إلي ابنه الصبي : « محمد بن الحسن المهدي المنتظر » بدليل أن أرکان الدولة العباسية ورجالات بني هاشم قد حضروا الإعداد لجنازة الإمام الحادي عشر ، ولم يتقدم أحد منهم لإمامة الناس بصلاة الجنازة إنما تقدم الإمام الصبي ، وإمّ الجميع دون اعتراض من أحد وسط دهشة الجميع ، وتسليمهم بإن هذا الصبي هو عميد وسيد أهل بيت النبوة والقائم مقام أبيه السيد الذي انتقل إلي جوار ربه. بعد انتهاء مراسم العزاء اختفى الإمام الصبي عن الأنظار تماماً ، ولم يعد يراه أحد ، وکان يعرف أمور أولياء أهل بيت النبوة ، ويتصرف بالأموال التي تجبى إليه بواسطة أربعة سفراء أجمع أهل بيت النبوة وشيعتهم المخلصة علي صحة سفارتهم.
وتسمي هذه الغيبة بالغيبة الصغرى ، وبعد موت آخر السفراء بدأت الغيبة