قريش وقال لهن : « إنكن صويحبات يوسف ... » هنا أتيحت الفرصة للنبي ليتكلم فقال : « أنهن خير منكم ، قوموا عني لا ينبغي عندي تنازع ، ما أنا فيه خير مما تدعونني إليه ». وأدرك النبي أنه لم يُعد هنالك ما يبرر كتابه توجيهاته النهائية ، فلو أصر النبي على كتابه توجيهاته النهائية ، لأصر جمع بطون قريش على اتهامه بالهجر مع ما يستتبع ذلك من عواقب مدمرة على الدين نفسه ، لذلك صرف النبي النظر عن كتابه هذه التوجيهات ، وخرج جمع البطون وخرج الخلص من أصحاب النبي ، ونجحٍ جمع البطون بالحيلولة بين النبي وبين كتابه ما أراد ، ونجحت بطون قريش عملياً ، ولأول مرة بالتفريق بين الله ورسوله ، وبين كتاب الله وبيان النبي لهذا الكتاب ، ورفعت بطون قريش شعار : « حسبنا كتاب الله » أي يكفينا القرآن ، ولسنا بحاجة لبيان النبي أو لوصيته!! وهكذا أعلنت بطون قريش نواياها وبكل سفور ، فعرفها النبي ، وعرفها الخلص من أصحابه. وخرج الرسول عملياً من التأثير على مسرح الأحداث ، وصار الذين آمنوا قلة كما كانوا دائماً ، وسط كثرة تدعي الإسلام!! ومن المدهش حقاً أنه ما من خليفة قط إلا وكتب توجيهاته النهائية وهو على فراش الموت ، وقد اشتد به الوجع أكثر مما اشتد برسول الله ومع هذا لم يقل أحد من المسلمين قط لاحد من الخلفاء قط « حسبنا كتاب الله ، أو أن المرض قد اشتد بك ، ولا حاجة لنا بكتابك ، بل على العكس كانت توجيهات الخلفاء تنفذ كأنها وحي من الله جاء به الله والملائكة قبلاً ».
قد يقول قائل أن هذا غير معقول!! ولا يمكن أن يعامل الرسول بهذه القسوة ، ولكن هذا ما حدث بالفعل فأصح الصحاح عند أهل السنة صحيحا البخاري ومسلم ، وقد سلما بوقوع ذلك كله وفي كتابينا : « نظرية عدالة الصحابة والمواجهة » سقنا ووثقنا كافة الروايات التي ذكرها البخاري ومسلم في صحيحهما. فارجع إليهما إن كنت في شك من ذلك.
منع رواية وكتابة أحاديث رسول الله
قبضت بطون قريش على مقاليد الأمور حتى أن يدفن رسول الله ، وكانت أول المراسيم التي أصدرتها دولة الخلافة أن منعت رواية وكتابة أحاديث الرسول ـ