روى المتقي الهندي عن أبي رافع قال : خرجت مع رسول الله صلىاللهعليهوآله من بيته ، وبيته يومئذ المسجد ، حتى أتينا البقيع ، فعطس رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فمكث طويلاً ، فقلت له : بأبي وأمي ، قلتَ شيئاً لم أفهمه ، فقال : «نعم ، أتاني من ربي أو أخبرني جبريل ، قال : إذا عطست فقل : الحمد لله ككرمه ، والحمد لله كعزّ جلاله ، قال : فإنّ الرب تبارك وتعالى يقول : صدق عبدي ، صدق عبدي ، مغفوراً له» (١).
روى الزيلعي قضية راجعة إلى ابن مسعود ، وجاء فيها : يا ابن مسعود ، إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يجدك عشاءاً ، فارجع إلى مضجعك ، فرجعت إلى المسجد ، فجمعت حصباء المسجد فتوسدته ، والتففت بثوبي ، فلم ألبث إلا قليلاً ، حتى جاءت الجارية فقالت : أجب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فاتبعتها حتى بلغت مقامي ، فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله وفي يده عسيب نخل ، فعرض به على صدري ، فقال : «انطلق أنت معي حيث انطلقت» ، قال : فانطلقنا حتى أتينا بقيع الغرقد ، فخطّ بعصاه خطة ، ثمّ قال : «اجلس فيها ولا تبرح حتى آتيك» ، ثمّ انطلق يمشي وأنا أنظر إليه ، حتى إذا كان من حيث لا أراه ، ثارت مثل العجاجة السوداء ، ففزعت وقلت في نفسي : هذه هوازن مكروا برسول الله صلىاللهعليهوآله ليقتلوه ، فهممت أن أسعى إلى البيوت فاستغيث الناس ، فذكرت أنّ رسول الله أوصاني أن لا أبرح ، وسمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يفزعهم بعصاه ، ويقول : اجلسوا ، فجلسوا ، حتى كاد ينشق عمود الصبح ، ثمّ ثاروا وذهبوا .. (٢).
__________________
(١) كنز العمال ٩ / ٢٢٩.
(٢) نصب الراية ١ / ٢١٥ ؛ انظر : تفسير القرآن العظيم ٤ / ١٨٢ ؛ سبل الهدى والرشاد ٦ / ٤٣٣.