انتهينا إلى بقيع الغرقد ، فإذا نحن بسدرة عارية لا نبات عليها ، فجلس رسول الله صلىاللهعليهوآله تحتها ، فأورقت الشجرة وأثمرت واستظلت على رسول الله ، فتبسم وقال لي : يا أنس ، أدع لي علياً ، فعدوت حتى انتهيت إلى منزل فاطمة عليهاالسلام ، فإذا بعليّ يتناول شيئاً من الطعام ، فقلت له : أجب رسول الله ، فقال : لخير أدعى؟ فقلت : الله ورسوله أعلم ، قال : فجعل عليّ يمشي ويهرول على أطراف أنامله ، حتى تمثل بين يديّ رسول الله ، فجذبه رسول الله صلىاللهعليهوآله وأجلسه إلى جنبه ، فرأيتهما يتحدثان ويضحكان ، ورأيت وجه علي قد استنار ، فإذا أنا بجام من ذهب مرصع باليواقيت والجواهر واللجام أربعة أركان : على الركن الأول مكتوب : لا إله إلاالله ، محمد رسول الله ، وعلى الركن الثاني : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي بن أبي طالب ولي الله ، وسيفه على الناكثين والقاسطين والمارقين ، وعلى الركن الثالث : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، أيّدته بعلي بن أبي طالب ، وعلى الركن الرابع : نجا المعتقدون لدين الله الموالون لأهل بيت رسول الله ، وإذا في الجام رطب وعنب ، ولم يكن أوان الرطب ولا أوان العنب ، فجعل رسول الله يأكل ويطعم علياً حتى إذا شبعا ارتفع الجام (١).
وفي الخبر : .. يا أبا الحسن ، إنّ قوماً من منافقي أمتي ما قنعوا بآية النجم حتى قالوا : لو شاء محمد لأمر الشمس أن تنادي باسم علي وتقول : هذا ربكم فاعبدوه ، فانك يا علي في غد بعد صلاة الفجر تخرج معي إلى بقيع الغرقد عند طلوع الشمس .. (٢).
__________________
(١) بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ، الطبري الإمامي / ١٣٨ ؛ الجواهر السنية ، الحرّ العاملي / ٢٧٤ ؛ مدينة المعاجز ١ / ٣٩٣ ؛ بحار الأنوار ٣٩ / ١٢٨.
(٢) بحار الأنوار ٣٥ / ٢٧٧ ؛ مدينة المعاجز ٣ / ١٦٤.