السبت ، الخامس من ديسمبر / كانون الأول : عند ما استيقظت في هذا الصباح وجدت رجلا ينحني إلى جواري وبيده طاس من الحليب. شربت الحليب ثم خرجت مع مرافقي وأخذنا نسير فوق السهل حيث كان البريطانيون قد أقاموا مخيمهم وزرت المكان الذي اندحر فيه النقيب (تومسون). لكن آثار تلك المواجهة العنيفة كانت قد اختفت تماما. أشار مرافقي بوجود بعض القبور ، ولكن لم يكن هناك أي «شاهد عليها» يفيد إن كان الموتى من فريق المنتصرين أم من فريق المهزومين. وربما كان من المفيد الملاحظة بأن أجساد الذين لقوا مصرعهم في الهجوم الأول كانوا مستلقين على الرمال دون أن يلمسهم الدود ولا يظهر عليها أي تفسخ مما يدل على شدة نقاء وجفاف المناخ بتلك المنطقة (١).
لم يظهر البدو أي امتعاض من ذكر الحرب. وتحدثوا عن هزيمتهم وخسائرهم حديثا لا يخلو من الفكاهة. وكانت ملاحظاتهم تنم عن نفس الفكاهة وهم يتحدثون عن الإنكليز خلال إقامتهم في (جعلان) ، وانتقدوا انتقادا شديدا أسلوب هجومهم وأسلحة الجنود وتجهيزاتهم. إن العربي الذي يدخل الحرب دون أن يكون معه أكثر من ناقته يستطيع التقدم أو التراجع معها ولا يحمل شيئا سوى سلاحه وحقيبة صغيرة من العجين وقربة ماء ، لهذا فإن كمية الأمتعة التي يحملها جنودنا لا بد أن تثير دهشتهم. إلا أن الشيء الذي أثار دهشتهم أكثر من أي شيء آخر هو أننا نحمل معنا براميل الكحول للرجال. هذه الحادثة يتردد ذكرها كثيرا في عمان.
__________________
(*) يصعب تصديق رواية المؤلف هذه بعض مضي نحو ١٤ عاما من الحادثة.