الغالب من الأكواخ التي شيدوها تحت بساتين النخيل على نحو يفتقر إلى الانتظام. وقضينا ثلاثة أرباع الساعة ونحن نجتازها من البداية وحتى النهاية. وما أن وصلت أنباء قدومنا حتى التف الناس من حولنا بأعداد غفيرة. كان فضولهم لا يحده حد وعبّروا عن دهشتهم لما شاهدوه منا بكل بهجة وفرحة فأخذوا يقفزون ويصرخون كأنهم أنصاف مجانين. وسرعان ما امتلأت خيمتي الصغيرة ـ على الرغم من وجود شيخهم ورغبته المتكررة في أن يرحلوا ـ وأحسست بالسعادة الحقيقية عند ما اقتربت الشمس من الغروب وانصرفوا إلى بيوتهم.
يقدر عدد أفراد قبيلة (بني بو حسن) بألف ومائتي رجل باستثناء النساء والأطفال. إلا أنهم لا يملكون أكثر من سبعمائة بندقية. وفيما عدا رعايتهم بأشجار النخيل التي لا تأخذ إلا جزءا يسيرا من وقتهم ، فإنهم كانوا يقضون وقتهم دون عمل فتراهم باستمرار يتخاصمون أو يتنازعون أما فيما بينهم أو مع جيرانهم. ويبدو هؤلاء من حيث المظهر أكثر الناس الذين صادفتهم في حياتي وحشية وفظاظة. وهم يسيرون شبه عراة ، شعرهم طويل حتى ليصل إلى منطقة الحزام.
بعد غروب الشمس لم أشاهد سوى الشيخ الذي جاء بمفرده لإقناعي بعدم زيارة بدو قبيلة بني بو علي الذين وصفهم بأنهم غير موالين للسيد سعيد وبأنهم يكرهون الإنكليز وبأنهم «شياطين تماما» كما قال. لكن بما أنني كنت أعرف أن كلتا القبيلتين كانتا في حالة عداء واضح ، فإنني لم أشأ أتباع نصيحته لذلك انصرف ببرود.
الحق أنني لست عديم المخاوف بشأن المعاملة التي سوف ألقاها من جيرانه. إلا أن أسبابي سوف تفهم عند ما أوضح الظروف التي دفعت الإنكليز إلى الاصطدام بهم.