فهذا ذكر ما تمكن على الاستعجال من آثار المدينة المكرمة ومشاهدها على جهة الاقتضاب والاختصار ، والله وليّ التوفيق.
الخاتون بنت الأمير مسعود
ومن عجيب ما شاهدناه من الأمور البديعة الداخلة مدخل السمعة والشهرة ، أن احدى الخواتين المذكورات ، وهي بنت الأمير مسعود المتقدم ذكرها وذكر أبيها ، وصلت عشي يوم الخميس السادس لمحرم ، ورابع يوم وصولنا المدينة ، الى مسجد رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، راكبة في قبتها ، وحولها قباب كرائمها وخدمها ، والقرّاء أمامها ، والفتيان والصقالب بأيديهم مقامع الحديد يطوفون حولها ، ويدفعون الناس أمامها ، الى أن وصلت الى باب المسجد المكرم ، فنزلت تحت ملحفة مبسوطة عليها ، ومشت الى أن سلمت على النبي ، صلىاللهعليهوسلم ، والخول أمامها ، والخدام يرفعون أصواتهم بالدعاء لها ، إشادة بذكرها ، ثم وصلت الى الروضة الصغيرة التي بين القبر الكريم والمنبر فصلّت فيها تحت الملحفة ، والناس يتزاحمون عليها ، والمقامع تدفعهم عنها. ثم صلت في الحوض بازاء المنبر ، ثم مشت الى الصفحة الغربية من الروضة المكرمة فقعدت في الموضع الذي يقال : انه كان مهبط جبريل ، عليهالسلام ، وأرخي الستر عليها ، واقام فتيانها وصقالبها وحجابها على رأسها خلف الستر تأمرهم بأمرها ، واستجلبت معها الى المسجد حملين من المتاع للصدقة. فما زالت في موضعها الى الليل.
وعظ رئيس العلماء
وقد وقع الإيذان بوصول صدر الدين رئيس الشافعية الأصبهاني الذي