متعجبين مما شاهداه ، وعض ابن حسان بنان الأسف على ما فاته من بركة دعائه اذ لم يمكنه الحال استدعاءه منه ، وعلى انه لم تثبت له صورة في نفسه ، فكان يتبرك به متى لقيه.
ومقامات هؤلاء الأعاجم في رقة الأنفس وتأثرها وسرعة انفعالها وشدة مجاهداتها في العبادات وطول مثابراتها على أفعال البر وظهور بركاتها مقامات عجيبة شريفة ، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء.
وفي سحر يوم الخميس الثالث عشر من الشهر المذكور كسف القمر وانتهى الكسوف منه الى مقدار ثلثيه ، وغاب مكسوفا عند طلوع الشمس ، والله يلهمنا الاعتبار بآياته.
رمضان المعظم
استهل هلاله ليلة الاثنين التاسع عشر لدجنبر ، عرّفنا الله فضله وحقه ورزقنا القبول فيه. وكان صيام أهل مكة له يوم الأحد بدعوى في رؤية الهلال لم تصح ، لكن أمضى الأمير ذلك ووقع الإيذان بالصوم بضرب دبادبه ليلة الأحد المذكور لموافقته مذهبه ومذهب شيعته العلويين ومن اليهم ، لانهم يرون صيام يوم الشك فرضا ، حسبما يذكر ، والله أعلم بذلك.
ووقع الاحتفال في المسجد الحرام لهذا الشهر المبارك ، وحق ذلك من تجديد الحصر وتكثير الشمع والمشاعيل وغير ذلك من الآلات حتى تلألأ الحرم نورا وسطع ضياء ، وتفرقت الأئمة لإقامة التراويح فرقا ؛ فالشافعية فوق كل فرقة منها قد نصبت إماما لها في ناحية من نواحي المسجد ؛ والحنبلية كذلك ؛ والحنفية كذلك ، والزيدية ؛ وأما المالكية فاجتمعت على ثلاثة قراء يتناوبون القراءة ، وهي في هذا العالم أحفل جمعا وأكثر شمعا ، لأن قوما من التجار المالكيين تنافسوا في ذلك فجلبوا لإمام الكعبة شمعا كثيرا من أكبره شمعتان نصبتا أمام المحراب