بالذهب ، ومراكب جواريها كذلك ؛ مجموع ذلك الذهب لا يحصى تقديره. وكان مشهدا أبهت الأبصار ، وأحدث الاعتبار ، وكل ملك يفنى الا ملك الواحد القهار ، لا شريك له.
وأخبرنا غير واحد من الثقات ، ممن يعرف حال خاتون هذه ، أنها موصوفة بالعبادة والخير ، مؤثرة لأفعال البرّ. فمنها أنها أنفقت في طريقها هذا الى الحجاز ، في صدقات ونفقات في السبيل ، مالا عظيما ، وهي تحب الصالحين والصالحات تزورهم متنكرة رغبة في دعائهم. وشأنها عجيب كله على شبابها وانغماسها في نعيم الملك. والله يهدي من يشاء من عباده.
وفي عشي اليوم الرابع من المقام بهذه البلدة ، وهو يوم الجمعة السادس والعشرين لصفر المذكور ، رحلنا منها على دواب أشتريناها بالموصل تفاديا من معاملة الجمالين ، على أن القدر المحمود لم يسبب لنا الا صحبة الأشبه منهم ، ومن شكرناه على طول الصحبة ، وتماديها من مكة ، شرفها الله ، الى الموصل ، فأسرينا ليلة السبت الى بعيد نصف الليل ثم نزلنا بقرية من قرى الموصل ، ورحلنا منها ضحوة يوم السبت المذكور ، وقلنا بقرية تعرف بعين الرصد ، وكان مقيلنا تحت جسر معقود على واد يتحدر فيه الماء ، وكان مقيلا مباركا. وفي تلك القرية خان كبير جديد. وفي محلات الطريق كلها خانات. واتفق مبيتنا تلك الليلة بالقرية المذكورة ، واسرينا منها واصبحنا يوم الاحد بقرية تعرف بالمويلحة ، وأسرينا منها وبتنا بقرية كبيرة تعرف بجدال لها حصن عتيق. وفي يومنا هذا رأينا ، عن يمين الطريق ، جبل الجودي المذكور في كتاب الله تعالى الذي استوت عليه سفينة نوح ، عليهالسلام ، وهو جبل عال مستطيل. ثم رحلنا في السحر الأعلى من يوم الاثنين التاسع والعشرين لصفر ، فكان مبيتنا في قرية من قرى نصيبين ، ومنها اليها مرحلة ، ويعرف الموضع المذكور بالكلاي.
شهر ربيع الأول من سنة ثمانين
استهل هلاله ليلة الثلاثاء ، بموافقة الثاني عشر من يونيه ، ونحن بالقرية