خدمته. وحضر
الأمير من خاصته شعراء أربعة ، فأنشدوه واحدا اثر واحد الى أن فرغوا من انشادهم.
وفي اثناء ذلك
تمكن وقت الصلاة ، وكان ضحى من النهار ، فأقبل القاضي الخطيب يتهادى بين رايتيه
السوداوين ، والفرقعة المتقدمة ذكرها أمامه ، وقد صك الحرم صوتها ، وهو لابس ثياب
سواده ، فجاء الى المقام الكريم ، وقام الناس للصلاة ، فلما قضوها رقي المنبر ،
وقد ألصق الى موضعه المعين له كل جمعة ، من جدار الكعبة المكرمة ، حيث الباب
الكريم شارعا ، فخطب خطبة بليغة ، والمؤذنون قعود دونه في أدراج المنبر ، فعند
افتتاحه فصول الخطبة بالتكبير يكبرون بتكبيره ، الى أن فرغ من خطبته.
وأقبل الناس بعضهم
على بعض بالمصافحة والتسليم والتغافر والدعاء مسرورين جذلين فرحين بما آتاهم الله
من فضله ، وبادروا الى البيت الكريم فدخلوا بسلام آمنين مزدحمين عليه فوجا فوجا.
فكان مشهدا عظيما وجمعا بفضل الله تعالى مرحوما ، جعله الله ذخيرة للمعاد ، كما
جعل ذلك العيد الشريف في العمر أفضل الاعياد ، بمنه وكرمه ، انه وليّ ذلك والقادر
عليه. واخذ الناس عند انتشارهم من مصلاهم وقضاء سنة السلام بعضهم على بعض في زيارة
الجبانة بالمعلى تبركا باحتساب الخطا اليها ، والدعاء بالرحمة لمن فيها من عباد
الله الصالحين من الصدر الأول وسواه ، رضي الله عن جميعهم ، وحشرنا في زمرتهم ،
ونفعنا بمحبتهم. فالمرء ، كما قال ، صلىاللهعليهوسلم ، مع من أحب.
مناسك الحج
وفي يوم السبت
التاسع عشر منه ، والثالث لفبرير ، صعدنا الى منى لمشاهدة المناسك المعظمة بها
ولمعاينة منزل اكتري لنا فيها اعدادا لمقام بها أيام التشريق ، ان شاء الله ،
فألفيناها تملأ النفوس بهجة وانشراحا ، مدينة عظيمة الآثار ،