أحد من الأنبياء بشيء من الشريعة مجدد (١) على يده مخالف في الصّورة لما أتى به من تقدمه ، وأن يقتضي به في الدلالة على صدقه وصحة نبوته بخبر نبيّ من الأنبياء بذلك وتعيينه عليه تعيينا لا يشكل ، وكل ما أحاله من ذلك على غير ما قدّره ، ولا حجة له في شيء مما أتى به من ذلك ، ولا شبهة بوقع العذر له ، إذا لم يكن الشرع ولا العقل يحيلانه ، بل يدلان على جوازه ، ويشهدان بصحته ، وقد ثبت الخبر الصّادق به ، وله في إعجاز القرآن ، وصحة شهادته بالصدق للنبي صلىاللهعليهوسلم كلام يبعد من إطلاق مثله من صحت فكرته (٢) وسلمت من التعصّب والتحامل والغفلة والتجاهل طريقته ، وكنت (٣) استبعدت هذا حين حكي لي عنه إذ لم يكن عندي ممن بلغ في الذهاب عن النظر الصحيح هذا الحد ، إلى أن رأيته مثبتا بخطّه ، وقد حكيته على جهته في معناه ولفظه في غير موضع ، من ذلك كتابنا المسمى : «التأويل الموجز عن علم القرآن المعجز» ، وليس كتابنا هذا من مواضع البيان عن ذلك والاشتغال بحكايته ، وإيضاح القول فيه وتبيين فساده.
وقد قال بعض أهل العلم : لو سكت من لا يعلم لاسترحنا.
وأنا أقول : لو كان له من (٤) يردعه ، ويكفّه ويمنعه ، ويقبضه ويقدعه ، ويسكته قهرا ، ويصمته قسرا ، أو كان من يصرفه عن شنيع (٥) الجهالات وبديع الضلالات ، بالتأديب والقصب والتثريب ، والتبكيت والتأنيب لرجونا أن يعفي الناس بذلك عما ينالهم الضرر أو كثير منه من جهته ، وإلى الله المشتكى وهو المستعان على [كلّ](٦) حادثة وبلوى.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين ، نا أبو الحسين (٧) بن المهتدي ، أنا أبو أحمد عبيد الله بن محمّد بن أبي مسلم الفرضي ، أنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السماك ، نا
__________________
(١) عن الجليس الصالح وبالأصل : محمد.
(٢) بالأصل «فكرية» وفي الجليس الصالح : «فطرته» ولعل الصواب ما ارتأيناه.
(٣) عن الجليس الصالح ، وبالأصل : وكتب.
(٤) في الجليس الصالح : دين يردعه.
(٥) عن الجليس الصالح ، وبالأصل : تشيع.
(٦) زيادة عن الجليس الصالح.
(٧) بالأصل : أبو الحسن خطأ ، والمثبت قياسا إلى سند مماثل.