بشكل عام.
وتعْتَبِر هذه النظرية ، المرض لونا من الوان الانحراف الاجتماعي ؛ لان المريض يسلك خلال مرضه سلوكاً مناقضاً للسلوك الطبيعي الذي يقره الاصحاء. فالخلود الى الفراش ، وتناول الدواء ، وتسخير الآخرين لخدمة المريض ، كلها تصرفات لا يقوم بها الاصحاء غالباً. ولكن هذا الانحراف الصحي يعتبر انحرافاً استثنائيا ، لاسباب عدة منها ، اولا : ان هذا السلوك يستغرق فترة قصيرة محدودة ، وثانياً : انه يعبّر عن قوة لا ارادية داخل جسم الانسان. فالمريض مجبر على قبول حالته الاستثنائية ، وملزم بالاستسلام لواقعه الانحرافي الجديد. ولذلك فهو غير مُلام على تركه العمل الانتاجي ، وغير مسؤول عن التقصير في اداء دوره الاجتماعي الذي اصبح شاغراً بسبب مرضه. وما على المجتمع ونظامه الاجتماعي الا الاذعان والتسليم لحق المريض ومعاملته معاملة خاصة ، عن طريق منحه اجازة التخلي عن دوره ومسؤولياته الاجتماعية الى موعد الشفاء التام. فالعامل المريض مثلا يستطيع ترك العمل والتوقف عن الانتاج والخلود للراحة فور ظهور اعراضه المرضية. والطالب المريض يستطيع تأجيل موعد امتحانه النهائي لاسباب مرضية. والتاجر المريض يعطل تجارته بسبب عجزه عن ممارسة العمل الطبيعي الذي تعارف افراد المجتمع عليه.
ولا شك ان المريض الصادق ينبغي ان يطلب علاجاً سريعاً لحالته المرضية الاستثنائية. لان تباطؤه في العلاج يعني ان ذلك الفرد يهوى البقاء عالة على الآخرين ، ويود التخلي عن عمله الانتاجي في الحقل الاجتماعي ؛ وهو بذلك لا يعطل دوره الاجتماعي فحسب ، بل يستهلك