وأخذ الاجرة على الواجب لا بأس به إذا لم يكن إيجابه على المكلّف مجّانا وبلا عوض ، بل كان وجوده المطلق مطلوبا ، كالصناعات الواجبة كفائيّة الّتي (١) لا يكاد ينتظم بدونها البلاد ، ويختلّ لولاها معاش العباد ، بل ربما يجب أخذ الاجرة عليها لذلك ـ أي لزوم الاختلال وعدم الانتظام لو لا أخذها ـ. هذا في الواجبات التوصّليّة.
وأمّا الواجبات التعبّديّة : فيمكن أن يقال بجواز أخذ الاجرة على إتيانها بداعي امتثالها ، لا على نفس الإتيان كي ينافي عباديّتها ، فيكون من قبيل الداعي إلى الداعي. غاية الأمر يعتبر فيها كغيرها أن يكون فيها منفعة عائدة إلى المستأجر ، كيلا تكون المعاملة سفهيّة وأخذ الاجرة عليها أكلا بالباطل.
وربما يجعل من الثمرة اجتماع الوجوب والحرمة إذا قيل بالملازمة فيما كانت المقدّمة محرّمة ، فيبتني (٢) على جواز اجتماع الأمر والنهي وعدمه ، بخلاف ما لو قيل بعدمها (٣).
وفيه أوّلا : أنّه لا يكون من باب الاجتماع كي تكون مبتنية عليه (٤) ، لما أشرنا إليه غير مرّة أنّ الواجب ما هو بالحمل الشائع مقدّمة ، لا بعنوان المقدّمة ، فيكون على الملازمة من باب النهي في العبادة والمعاملة (٥).
__________________
(١) وكان الأولى أن يقول : «بل كان وجوده المطلق مطلوبا كفائيّا ، كالصناعات الواجبة الّتي ...».
(٢) أي : فيبتني اجتماع الوجوب والحرمة في المقدّمة وعدمه على جواز اجتماع الأمر والنهي وعدمه.
(٣) هذه الثمرة محكيّة عن الوحيد البهبهانيّ ، فراجع بدائع الأفكار (للمحقّق الرشتيّ) : ٣٤٦ ، ومطارح الأنظار : ٨١.
(٤) أي : كي تكون الثمرة المذكورة ـ وهي اجتماع الوجوب والحرمة في المقدّمة بناء على الملازمة ـ مبتنية على جواز اجتماع الأمر والنهي.
(٥) توضيحه : أنّ الموضوع في مسألة اجتماع الأمر والنهي هو مورد واحد له عنوانان تعلّق بأحدهما الأمر وبالآخر النهي ، كالصلاة في المغصوب ، فإنّها متعلّقة للأمر من جهة الصلاتيّة والنهي من جهة الغصبيّة. وأمّا في مقدّمة الواجب فليس إلّا عنوانا واحدا تعلّق به كلّ من الأمر والنهي ، وهو المقدّمة بالحمل الشائع ـ كالوضوء مثلا ـ. وأمّا عنوان المقدّمة فهو عنوان ـ