لترصده إياهم ، واستمر على طريقته إلى أن مرض مرضه الذي توفي به. وفي أثناء مرضه وصل إلى مسامعه مجيء بعض الحجاج فاستدعى أولاده الذين ظنوا أنه سيأمرهم بعدم التعرض للحجاج والسماح لهم بالمرور وإكرامهم ، فأشار إليهم بالنفي فما زالوا يماطلونه ويذكرونه بما حل به حتى ضجر منهم ورفع يده بإشارة إليهم أن سفوهم سفا فسمي الرجل بالسفاف وقبره بقبر السفاف. ولما توفي رجم قبره من ذلك الحين إلى وقت قدوم العبدري حيث شاهد كوما عظيما من الحجارة عليه (١).
وأوضح الورثيلاني أن هذا الموضع يسمى أم العظام أو شرفات بني عطية أو عش الغراب وجاء على ذكر السفاف ونسب حكايته للعبدري ولكنه سماه بقبر الشفاف (٢) ، ويعرف هذا المكان اليوم بلفظ قبور شفاف (٣).
مغارة شعيب :
حدد العبدري المسافة بينها وبين المنهلة بيومين وبعض يوم. وصفها بالكبر والارتفاع. متسع مدخلها مع ارتفاع بسيط مضيء داخلها بسبب اتساعها واتساع مدخلها. تكونت هذه المغارة من الحجر الصلد وتميزت بغزارة الماء بها الذي يظهر من بابها ولكنه ماء راكد متميز بعذوبته ينبع من أصل المغارة وقدر العبدري المسافة بين باب المغارة وقعرها بستين أو سبعين ذراعا وأضاف أنها آخر وادي القرى. كما ذكر أن الماء بها يشوبه عفن بسبب الماء المتبقي من أحواض السقي والذي يعود إلى المغارة مرة أخرى (٤).
وقد وصفها ابن رشيد الذى سلك هذا الطريق ومر بمغارة شعيب قبل العبدري بأربع سنوات واتفق في وصفه لها مع العبدري وزاد عليه بإشارته لوجود درج بها وتشبيهه لها بالصهاريج (٥).
__________________
(١) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ١٦٠.
(٢) الورثيلاني : الرحلة الورثيلانية ، ص ٣٣٨ ـ ٣٣٩.
(٣) حمد الجاسر : في شمال غرب الجزيرة ، ص ١٨٥.
(٤) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ١٦٠ ؛ وهذه المغارة قريبة من عينونا ووادي القرى ويطلق عليه اليوم العلا. انظر حمد الجاسر : في شمال غرب الجزيرة ، ص ٦٠٣ ؛ محمد عبد الحميد مرداد : مدائن صالح تلك الأعجوبة ، ص ٦١.
(٥) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ٢٧٧ ـ ٢٨٠.