أولا : الأحوال السياسية في بلاد الحجاز :
كانت الحجاز ضمن الولايات التابعة للخلافة العباسية في فترة قوتها ولكن الملاحظ أنه في الفترات الأولى سعى العلويون إلى الاستقلال بها لاعتقادهم بأحقيتهم في الخلافة من الأمويين والعباسيين (١) وفي سبيل ذلك بذلوا محاولات عدّة تمكّن الأمويون من القضاء عليها ؛ مثل ثورة الحسين ابن علي ، وثورة زيد بن علي بن الحسين ، وثورة المختار بن أبي عبيدة (٢).
وعقب انتقال الخلافه إلى بني العبّاس جدّد العلويون محاولاتهم تلك ولم تكن لتهدأ إلّا في لحظات ضعفهم ، ثم ما تلبث أن تعود مجّددا تمهيدا لتكوين خلافة تمّثلهم (٣) ، مع ملاحظة تولّي بعض منهم حكم الحجاز من قبل الخلفاء العباسيين (٤). وثورة بعضهم الآخر من الجور والظلم ضدّ عمال العباسيين (٥) ، أو لأي سبب آخر فتبدأ دعوتهم ولكن لا تلبث أن تنتهي إلى الفشل (٦).
ومنذ تغلّب جعفر بن محمد الحسني (٧) على مكة المكرمة سنة ٣٦٦ ه / ٩٧٦ م في أيام خلافة المقتدر بالله. نستطيع القول : إنه انطلاقا من هذا الوقت استطاع الأشراف العلويون من ذريّة الحسن بن علي تكوين إمارة لهم بمكة المكرمة تتمتّع باستقلال ذاتي في ظل الخلافة العباسية. ويتبع إمارة مكة المكرمة عدد من مدن وقرى الحجاز مثل جدّة ، والطائف ، ومر الظهران
__________________
(١) الطبرى : تاريخ الأمم والملوك ، ج ٦ ، ص ٢٢٨ ؛ وبتفصيل لذكر أسماء من خرج على الخلافتين الأموية والعباسية من العلويين. انظر الذهبي : أسماء من راموا الخلافة ، ص ٧ ـ ٢٣.
(٢) ابن الطقطقا : الفخري ، ص ١١٥ ، ١٢٠ ، ١٣٢.
(٣) حسن إبراهيم حسن : تاريخ الإسلام السياسي ، ج ٢ ، ص ١٢١.
(٤) عز الدين بن فهد : غاية المرام ، ج ١ ، ص ٤٠٥ ـ ٤٠٨.
(٥) ابن الطقطقا : الفخري ، ص ١٩٠.
(٦) عز الدين بن فهد : غاية المرام ، ج ١ ، ص ٣٢٢ ، ٣٤٩ ، ٣٨٩ ، ٤٣٤.
(٧) جعفر بن محمد بن الحسن بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي ابن أبي طالب الحسني أمير مكة المكرمة غلب عليها في أيام الأخشيديين ، وخطب لنفسه بالإمامة ، وخلع طاعة المقتدر بالله. انظر الفاسي : العقد الثمين ، ج ٣ ، ص ٤٢٩.