ولا شك أن مرد ذلك إلى ضعف الحالة الدينية. وربما كان الحافز على انتشار مثل هذه البدع يعود إلى محاولة كسب الأموال من البسطاء والحجاج.
الشائعات والبدع السائدة في طرق الحجاز المؤدية إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة : قد حفظت لنا كتب الرحلات بعض العادات والبدع والشائعات سجّلها الرحالة أثناء طريقهم إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة. فمن ذلك ما ذكره ابن رشيد وابن بطوطة من عادة الركب المار بتبوك إعداد الجيش بأسلحته ويتقدم الرجّالة والفرسان وخلفهم الركب في حين يقوم بعضهم بتحميل أكوام الحطب على الدواب لقلّته بأرض تبوك ويقبلون على المدينة بهذه الهيئة زاعمين أن الرسول صلىاللهعليهوسلم دخلها بتلك الطريقة (١).
وأشار ابن رشيد إلى وجود شجرة بأرض تبوك جلس النبي صلىاللهعليهوسلم تحتها فاخضرت (٢).
وأورد ابن جبير وابن بطوطة مزاعم أهل بدر حول جبل يسمى بجبل الطبول يقال : إنهم يسمعون صوت الطبول على مقربة منه (٣).
وجبل الطبول هذا لم يرد له ذكر بهذا الاسم في كتب المعاجم أو المصادر التي أرّخت للمدينة المنورة. ولكن أشار السمهودي بهذا الصدد قائلا : " شهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم بدرا بسيفه الذي يدعى العضب وضربت فيها طبلخانة النصر فهي تضرب إلى قيام الساعة" (٤).
وأغلب الظن أن الأصوات المسموعة ليست قرع طبول وربما هي أصوات بفعل حركة الرياح عند ملامستها للأتربة والصخور وخاصة إن الذاكرين لخبر جبل الطبول من الرحّالة اختلفوا في تحديده مع ملاحظة عدم سماعهم لذلك.
__________________
(١) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ٧ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١١٢.
(٢) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ١٠.
(٣) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٦٦ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٢٨.
(٤) السمهودي : وفاء الوفا ، ج ٤ ، ص ١١٤٦.