وما تشير إليه الروايات التاريخية يؤكدان أنه ليس الجذع ذاته لزواله منذ وقت مبكر ولا علاقة بينهما (١). ولعل وجود هذه القطعة إنما لتكون علما على موضعه الذي ربما يكون قريبا من هذا المكان.
ومما أورده ابن جبير عن البدع في المدينة المنورة ما قيل : إن بالمسجد النبوي حجرا مربعا أصفر طوله شبر في شبر شديد اللمعان قيل : إنه مرآة كسرى وفي أعلاه داخل المحراب مسمار مثبت في جداره فيه علبة صغيرة غير معروفة يقال : إنها كأس كسرى (٢). ويلاحظ من قول ابن جبير عدم تمكّنه من معرفته وأدى هذا الأمر فيما بعد إلى الاعتقاد أنه خرزة فاطمه بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد أمر بقلعها سنة ٧٠١ ه / ١٣٠١ م الصاحب زين الدين نظرا لما تحدثه من فتنة لدى الناس (٣).
وكان في الجهة الشرقية من البلاط الثاني دفة مغلقة على وجه الأرض على سرداب يهبط بواسطة درج تحت الأرض تقود إلى خارج المسجد إلى دار أبي بكر رضياللهعنه وكان طريق عائشة رضياللهعنها إليها وبجانبه دار عمر بن الخطاب وابنه عبد الله رضياللهعنهما وهما بلاشك موضع الخوخة المؤدية لدار أبي بكر رضياللهعنه التي أمر النبي صلىاللهعليهوسلم بإبقائها خاصة (٤). ولم يلبث مع مرور الوقت أن راجت حولها الأكاذيب بأنها دار عائشة أو فاطمة رضياللهعنهما طمعا في سلب أموال الناس (٥).
ونجد أن البدع والشائعات التي انتشرت بين الناس واستقرت في أذهانهم وكأنها حقيقة مسلم بها دفعت كثيرا من العلماء لمقاومتها والتخلص منها حفاظا على صحة وسلامة النواحي الدينية.
__________________
(١) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٧٠ ؛ العبدري : الرحلة المغربية ، ص ٢١٩ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١١٣.
(٢) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٧٢.
(٣) السمهودي : وفاء الوفا ، ج ١ ، ص ٣٧٣.
(٤) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٧١ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٢٨٧.
(٥) حمد الجاسر : رسائل في تاريخ المدينة ، ص ١٦٠.