قوله عزوجل : (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً)(١).
أخبرنا أبو علي بن السبط ، أنا أبي أبو سعد ، أنا أحمد بن إبراهيم بن فراس ، أنا محمّد بن إبراهيم الدّيبلي (٢) ، نا أبو عبيد الله المخزومي ، أنا سفيان ، عن مجالد ، عن الشعبي قال :
قالت الجن لئن ولد لسليمان ذكر لنلقين منه مثل ما لقينا من أبيه ، فتعالوا حتى نرصد أرحام نسائه حتى لا يولد له. قال : فولد له غلام فلم يأمن عليه الإنس ولا الجن فاسترضعه في المزن ـ يعني السحاب ـ وكان يزيد في السنة كذا وكذا ، وفي الشهر كذا وكذا ، وفي الجمعة كذا وكذا ، قال : فلم يشعر إلّا وقد وضع على كرسيّه وقد مات ، فذلك قوله تعالى (وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ) ، وقال غيره : الشيطان الذي كان أخذ خاتمه.
أخبرنا أبو محمّد ، وأبو الحسن قالا : أنا الخطيب ، أنا ابن رزقويه ، أنا أحمد ، نا الحسن ، نا إسماعيل قال : وأنا إسحاق ، أنا جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس في قوله : (وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً) ـ يعني الجسد : صخرا (٣) المارد حين غلب على ملكه ، وجلس على كرسي سليمان أربعين يوما ، فالله أعلم أي ذلك كان.
قال ابن عباس :
وإنما ابتلي سليمان بذهاب ملكه للصنم الذي صوّر في داره. قال : كان سليمان رجلا غزّاء يغزو البر والبحر ، فسمع بملك في جزيرة من جزائر البحر يقال لها : صدنور ، بها ملك عظيم لم يكن للناس إليه سبيل لمكانه من البحر ، وكان الله عزوجل أعطى سليمان في ملكه سلطانا لا يمتنع منه شيء في بر ولا بحر ، إنما يركب الريح فيخرج به حيث يريد قال : فركب سليمان الريح وجنوده من الجن والإنس حتى نزل تلك الجزيرة ، فقتل ملكها وسبا من فيها ، وأصاب جارية لم ير مثلها حسنا وجمالا ، وكانت ابنة ذلك الملك ، فاصطفاها لنفسه ، فكان يجد بها ما لا يجد بأحد ، وكان يؤثرها على جميع نسائه ، فلما رأى ذلك إبليس قال : لأنتهزنّ فرصتي من سليمان بهذه المرأة ، فدسّ
__________________
(١) سورة ص ، الآية : ٣٤.
(٢) بالأصل : الدبيلي ، بتقديم الباء خطأ ، والصواب ما أثبت ، نسبة إلى الديبل.
(٣) بالأصل : صخر.