على أيّ مدينة كانت ، فإن باريس ، وما أدراك ما باريس ، لا تحوي إلا ثلاثين ملهى ، ويحتمل أن المراد بالملهى هنا كل موضع يكون للهو ، فيدخل فيه موضع الحكايات ، والمشي ، والاجتماع ، ونحو ذلك. وأمّا قوله : بقّال. ففي القاموس في ب ق ل والبقال لبياع الأطعمة عامية ، والصحيح البدّال ونحوه قوله في ب د ل غير أنّه فسّر القربق في باب القاف بأنه دكّان البقال فليحرر.
ومن الغريب أن أحد المشعوذين الطليانيين أبدى في ملهى فالتة من التمثيل والتخييل أمورا غريبة ، ثم أراهم أيضا منشورا من البابا بالرخصة له في هذه الحرفة فصدّقه كلّ من رآه ، فهلا كان هذا المنشور أيضا من جملة شعوذاته.
كنانس فالتة
ومن المباني العظيمة في هذه المدينة الكنائس ، وهي حسنة البناء متقنة مزخرفة بالنقوش والدمى والتماثيل والصور مزيّنة بالأرجوان والاستبرق وأدوات الفضّة والذهب ، وفيها عشرون كنيسة على هذا النسق ، وأعظمها كنيسة صان جوان ، وهي مبلّطة كلّها بالرخام المنقش المصور عليه صور أعيان مالطة الأقدمين المدفونين فيها ، وفي صدر الكنيسة تمثالان للمسيح ولصان جوان رافعا يده فوق رأسه (أي رأس المسيح) يعمّده ، وهما من الحجر ، يراهما الداخل من الباب أكبر من الرجل الجسيم ، وبخارج الكنيسة صفحة ساعة يعلم منها الساعات والأيام والشهور والسنون وإذا هرب جرسها سمع صوته كل من في المدينة فيضبطون ساعاتهم عليها ، وفي هذه الكنائس من الذهب والفضّة والتحف ما يغني جميع صعاليك مالطة ، ولكل يوم من الأسبوع بدلة للقسّيس خصوصية ، وقس على ذلك أيام الآحاد والأعياد والأحوال الطارئة ، كالزواج والمعمودية والموت ، وفي الحقيقة فإن كثرة الكنائس الحسنة في جزيرة مالطة على نحسها لمما يعجب منه.
وفي كل قرية ترى ثلاث كنائس ، فأكثر وأوّل افتخار المالطيين إنّما هو بكثرة كنائسهم؛ إذ ليس عندهم شيء آخر يتباهى به ، والتفاخر صفة قائمة في النفوس. وإذا سرت إلى قرية ما متنزّها فلا تكاد تصل إلا وتحدق بك جماعة ليروك