إلغاء هذه العادة عندهم ، ومعنى الكرنيفال رفع اللحم أي إزالته.
وممّا جرت به العادة في هذه الأيام أن الحاكم يولم وليمة فاخرة ويدعو إليها وجوه أهل البلد بتذاكر يرسم فيها بقدومهم بملابس مسخرية ، فيلبّونه ويستأجرون هذه الثياب من الحوانيت ، فيقف لهم في غرفة في قصره ، وكلّما قدمت عليه عيلة انحنت له ، فاحتفل بها ، فإذا انقضى السلام شرعوا في الرقص ، وكلّما رقصت النساء قيلا أخذهن الرجال إلى المائدة ليأكلن أو يشربن ما شئن ، ثم يعدن إلى الرقص حتى مطلع الفجر ، فتتفرق الأصحاب ، وربّما اتّخذ بعض جشعي المالطيين من تلك المائدة خبنة وهي ما يحمل من الطعام في الكم ، وكنت أذهب إلى تلك الدعوى بزييّ المألوف ، فيخالونني من الساخرين ، وكانوا يسألونني : هل في بلادكم مثل ذلك؟ فأجيب مغالطا : إن لم يكن هذا فخير منه. ولعمري قبيح بالرجل الفاضل أن يرى راقصا كالولد.
مسرح فالتة
ومن أعظم مواضع الحظ واللذات الملهى وهو المسمّى عندهم بلفظة الثياطر أو الثياطرو (٤٧) ، وليس في فالتة كلّها سوى ملهى واحد ، وجلّ اللاعبين (٤٨) فيه من إيطاليا ولكن ليسوا من الطراز الأول ، وسيأتي الكلام بالتفصيل على ذلك ، إن شاء الله تعالى ، فإني التزمت إيجاز الكلام على هذه الأمور في مالطة ليكون مناسبا لأحوالها إذ جميع ما فيها إن هو إلا مختصر من بلدان أوروبا.
والظاهر أن المسلمين كانوا يطلقون على هذا الموضع اسم الملهى ، فقد كتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب ما نصّه : إني فتحت مدينة المغرب ولا أقدر أن أصف ما فيها ، غير أن فيها أربعة آلاف حمّام ، واثني عشر ألف بقّال ، يبيعون البقل الأخضر ، وأربعة آلاف يهودي يؤدّون الجزية ، وأربعمائة ملهى. غير أنّ هذا القدر كثير
__________________
(٤٧) الثياطرو : المسرح. (م).
(٤٨) اللاعبون : الممثلون. (م).