من بولون إلى إنكلترة فاحترق فهلكا. ومن هذه الأدوات ما يصعد في الجو مسافة ٠٠٠. ٢٣ قدم ، ومنها ما يدوم في الهواء ثماني عشرة ساعة. وأول من صنع المنطاد في إنكلترة السنيور لوناردي وذلك في سنة ١٧٨٤ ، وكانت مادام بواتفيان تصعد تارة وهي قاعدة على ثور على مثال أوربا وتارة على جواد ، فكره بعض الناس منها ذلك لكونه من ظلم الحيوان وهو ممنوع ، فكفت عنه. فأما كيفية إدخال الغاز في أنبوبة المنطاد وكذا في الأنابيب التي توصل الأنوار في المدن ، فهو أن يوقد الفحم في موقد مخصوص ، ويجعل فيه قصب من حديد متصلة بالديار والدكاكين فينحصر روح الفحم في تلك الأنابيب ، فإذا أدنيت نارا من رأسها اشتعلت وبقيت كذلك إلا أن تطفئها ، ونورها أشد سطوعا من نار الزيت والنفط والشمع وليس له دخان ، لكنه قوي مضر بالعين. وقد أرى أن غاز باريس أشد صفاء وبياضا من غاز لندرة ، ويمكن أن يكون ذلك لصفاء جو تلك ، وسيأتي الكلام على الغاز ومخترعه وفوائده في وصف لندرة إن شاء الله تعالى.
طلب الحماية الجنسية الإنكليزية وشروطها
ثم خطر ببالي أن أطلب من وزير الأمور الداخلية بلندرة حماية جنسية ، لكوني أقمت في مالطة عدة سنين وفي بلاد الإنكليز بضعها ، فكتبت إليه عرضا فجاء الجواب مؤذنا بأن أكل ذلك إلى فقيه من فقهاء الشرع ، إذ لا يصح معاطاة أمر من الأمور الشرعية إلا بهم ، كما أنه لا يصح معاطاة مصلحة كبيرة من المصالح المتجرية إلا بواسطة السماسرة ، وكان مما لزمني مباشرته في ذلك أن أخرج للفقيه أربع شهادات ممن لهم بيوت وملك من الإنكليز تؤذن بصحة ما أقول ففعلت. واعلم أن الحصول على نوع هذا الحماية لا يتوقف عند الإنكليز على عدد سنين يلبثها الغريب في بلادهم ، وإنما هي منّة من قبل مخوّلها ، ولو أن إنسانا لبث في بلادهم عشرين سنة ولم يكن حسن التصرف والسيرة لم يستحقها. وجلّ نفعها إنما هو تأهيل صاحبها لأن يشتري أملاكا كالديار والعقار والسفينة وما أشبه ذلك ، وعليه أن يحلف أن يتخذ دارهم وطنا له ، فإذا استوطن غيرها فللقنصل المقيم هناك أن ينكره. أمّا