المنطاد
ثم سرت إلى حديقة فكس هال المشهورة ورأيت المنطاد ، وهو المعروف باسم البالون ، وهو قبة في كبر الخيمة على شكل الإجاصة يصنع من الحرير المدهن ببعض الأدهان ويملأ داخله غازا ، وذلك بأن يجعلوا بأسفله قربة من جلد متصلة بأنبوبة من حديد يدخل فيها الغاز من موضعه ، ويجعلون له مثل الشبكة شاملة له ، وبها ينوطون أكياسا ثقيلة ، فكلما امتلأ جانب منه من الغاز خفضوا الأكياس حتى يرتفع ، فمتى امتلأ كله زمّوا فمه من أسفل ، وربطوا به نحو ناووس من خشب أو غيره ، ليقعد عليه من يتولى أمره ومن شاء أن يسافر معه ، ثم يزيحون الأكياس ويطلقونه فيندفع صعدا ومديره تحته ، وربما اقتضى لملئه عدة ساعات ، فإذا أراد مديره أن يخفضه أداره بحبلين متصلين به هما كالعنان له ، فينزله حيث شاء ، اللهمّ إذا كانت الريح عاصفة تغلبه فربما ألقته على محل غير مقصود ، إلا أنهم لا يصعدونه غالبا إل في يوم ذي سكون ، وما يقال من أن الناس يصعدون ويسافرون في البالون فليس المراد بذلك أنهم يدخلونه ، فإن داخله ملآن من الغاز إذا ألمّ به نور أو نار تميّز كله فأحرق ما حوله ، وإنما المراد أنهم يقعدون تحته ، وربما أخذوا معهم حصانا ونحوه ، وقد رأيت منطادا آخر انبسط تحته امرأتان وكان رأس إحداهما تحت قدمي الأخرى ، وقبل انبساطهما على هذه الحالة حجبوهما عن أعين الناظرين بنحو خيمة ، ثم لم نشعر إلا وهما في الجو تشيران بالمناديل. وقد ظهر في باريس من ادّعى بأنه يقدر أن يصنع منطادا من الخشب على شكل سفينة ليكون أوعب للناس ، وأسلم عاقبة. وبعد أن تصدى لذلك وركّب الألواح لم تأذن له الدولة في أن يجري ذلك فعلا بالقرب من باريس ، مخافة أن تقع السفينة على الناس فتعطبهم ، وحيث لم يكن غاز إلا فيما وليها حبط عمله. وقد رأيت هذه السفينة وظهر لي ولغيري عدم إمكان اصعادها بالغاز لطولها وضخامتها ، غير أن منشئها كان ذا لسان ذلق ، فكان يموه على السامعين احتمال ذلك ، وأظن أن ما خسره في صنعها ربحه من المتفرجين. وأصل إنشاء المنطاد كان في فرنسا سنة ١٧٨٣ ، وكان الناس قد ذكروا من قبل ذلك شيئا يشبهه ، ولكن هذا أول ما عرف ، وفي سنة ١٧٨٥ صعد فيه رجلان على أن يسافرا