هؤلاء خير من
الرديء من أولئك ، ومآل الكلام أن عامّة الفرنسيس أفضل ، وأن خاصة الإنكليز أجلّ
وأمثل. واعلم أن الفتن والمعامع التي وقعت في فرنسا ولا سيما فتنة سنة ١٧٩٣ قد
غيّرت كثيرا من أخلاق هذا الجيل ، فما يقال عنهم من البشاشة والأنس والاحتفاء
بالغريب فليس على إطلاقه ، كذلك سمعت مهم. نعم هم أبشّ من الإنكليز.
التوجه إلى لندرة
لمشاهدة معرض التحف
هذا ولما كنت ذات
يوم مفكرا في وحشة الغربة ، ومقاساة تعلم اللغة بعد أن ولّى عني نشاط الشباب
والأهلية إلى الاحتكال ، إذا بالخوري غبرائل جبارة دخل علي ، وفي طلعته من البشر
والطلاقة ما يترجم عما انطوى عليه من حسن الأخلاق ، فإن الخلق كثيرا ما يدل على
الخلق ، ثم بعد أن دارت بيننا كؤوس المنافثة قال لي : إني أود أن أذهب إلى إنكلترا
، فهل لك أن تكون لي رفيقا؟ فإني أجهل لغة القوم وأحوالهم ، والآن يذهب الناس
إليها من جميع الأقطار لمشاهدة معرض التحف بلندرة ، وهو المسمى عند الفرنسيس
اكسبوزسيون ، فأجبته إلى ذلك وسافرنا من باريس إلى كالي ، وذلك في تاسع شهر جون
ومنها إلى دوفر. ودوفر هذه أول ما نزل فيها يوليوس قيصر حين غزا بريتانيا وذلك في
سنة ٢٦ قبل الميلاد ، وفيها قلعة قيل إنها من بنائه ، ومدفع يعرف بداغري جيب
الملكة اليصابت ، أهدته إليها دولة هولانده ، وهو مدفع عظيم من نحاس طوله أربع
وعشرون قدما ، ويومئذ طلب منّا إبراز الجواز وذلك لكثرة الذين كانوا يردون إلى
بلاد الإنكليز.
في معرض التحف
ثم سرنا إلى لندرة
فوجدت أجرة المساكن وثمن المأكول والمشروب على ضعفي ما
__________________