كنت أعهده ، وثاني يوم وصولنا وقع من المطر والبرد ما لا يقع في الشتاء ، حتى زعمنا الغزالة (٣١٢) من طول المدى خرفت. ثم توجهنا إلى معرض التحف وكان سبب إنشائه أن الفرنسيس كانوا عقدوا مجلسا في باريس سنة ١٧٩٨ لأجل عرض بدائع الصنائع ، ثم تكرّر ذلك مرارا ، حتى أغرى الإنكليز بمحاكاتهم في إنشاء موضع تجلب فيه التحف والغرائب من جميع البلاد ، وذلك في سنة ١٨٥١ ، وكان قد استقر الرأي أولا على أن يبنوه من الآجرّ ، ولكن لما كان مقصودهم به إنما هو إلى مدة قصيرة ارتأوا أن يبنوه من الزجاج ، فحسبوا أن نفقته تبلغ سبعين ألف ليرة ، إذا كان ينقل وينتفع به وإلا فنحو ٠٠٠. ١٥٠ ، فتبرع في العطاء لإنشائه أكثر من ٠٠٠. ١٠٠ من الإنكليز ، بدئ به في جولاي سنة ١٨٥٠ ، وفتح في أول مايو سنة ١٨٥١ ، وجعل طوله ١٨٥١ قدما على مقدار عدد السنين ، وعرضه ٤٠٨ أقدام. وفي أول شهر ماي دخلته الملكة وزوجها ، وقد جعل نصفه لبضائع بلاد الإنكليز وإرلاند وسكوتلاند ، والنصف الثاني لسائر الدول ، وكان يعطى لكل وكيل دولة موضع ، وهم يعنون بوضع الأصونة والمخادع لصون بضائعهم وتحفهم ، وإذا اشترى أحد شيئا منها لم يكن يخرج إلا بعد انقضاء المدة. وكان في بنائه من الحديد ٠٠٠. ٤ طن ، و ١٧ من الزجاج في سقفه ، ما عدا ٥٠٠. ١ طاقة ، وبعد انقضاء مدته بيع بسبعين ألف ليرة ، ونقل إلى سدنام وجمع لتنظيمه وتركيبه هناك ٠٠٠. ٥٠٠ ليرة ، ثم زادت حتى بلغت ٠٠٠. ٠٠٠. ١ ، وكان يشتغل به من العملة نحو ستة ٤٠٠. ٦. وكان أحقر موضع فيه هو الموضع الذي نضّد فيه ما بعث من دولة مصر ، وسبب ذلك فيما بلغني أن البرنس ألبرت لما أرسل كتبا إلى جميع الدول يخبرهم بهذا المقصد ، وطلب إليهم أن يرسلوا من بدائع صنائع بلادهم ، ترجمت لخديو مصر لفظة الصنائع بالأرض ، إذ كانت صورة الخط فيهما متقاربة تقاربها في النطق ، فإنّ مرادف الصنائع في الإنكليزية «أرتس» ومرادف الأرض «إرث» ، فلذلك لم يبعث من مصر إلا القطاني ، وبعض أشياء أخرى لا طائل تحتها. وقد رأيت في هذا المعرض حلي الملكة ، من جملتها ثلاثة حجارة من
__________________
(٣١٢) الغزالة : الشمس عند طلوعها ، وفي ذلك إشارة إلى تواري أشعة الشمس خلف الغيوم والضباب الكثيف (م)