«السابع» تولية المراتب من يستحقها ، فإن دولة فرنسا لا تولي جاهلا مربة إلا ما ندر ، فأما عند الإنكليز فتولية المراتب إمّا تكون بالمحاباة والاختصاص ، أو بتعريضها للبيع ، وهذا الأخير مستفيض في مراتب العساكر البريّة ، ومازال الناس يمنّون أنفسهم بإصلاح هذا الخلل ، وما برح كتّاب الأخبار ينددون به وينصحون أرباب الأمر والنهيّ بتلافيه.
«الثامن» ترتيب الشرطة حيث يزدحم الناس كالملاهي والمراقص ومواقف سكة الحديد ، فإن أكثر هذه الأماكن في لندرة لا يكون فيها شرطي أو يكون وراء الباب ، فترى الناس يضغط بعضهم بعضا عند دخولهم الملهى ، وغير مرّة رأيت نساء يغشى عليهنّ في الزحام ، وغير مرة يموت عدة أولاد ، ومنهم من يستهزئ ومنهم من يضحك ، وفي داخل الملهى ترى الأوباش يصفرون ويزيطون ولا وازع يردّهم ، فأما في باريس فلا يخلو مكان من أحد هؤلاء الشرطة ، وترى الناس في الملاهى ساكتين منصتين فكأنما هم في الكنيسة ، ومع ذلك فإن الإنكليز يفتخرون بقولهم إن «جون بول» لا حاجة له بالشرطة ، لأنه مطبوع على الترتيب ، وهيهات فإن أوباشهم أرذل خلق الله.
«التاسع» تعهد ديوان المدينة بما فيه حفظ الصحة وبسط النفس وراحة العباد ، فيدخل في ذلك ترتيب المستشفيات فهي في باريس أحسن وأنظف ، والمقابر فهي هناك لا تكون إلا خارج البلد ، وفي لندرة كانوا يدفنون الموتى في ساحات الكنائس ، ولم تبطل هذه العادة إلا منذ ثلاث سنين فقط ، ثم المناصع وهي المواضع التي يتخلّى فيها الإنسان للبول ، أو لقضاء الحاجة ، فالأولى في لندرة قليلة جدا على رداءتها ، والثانية معدومة رأسا. ثم تنظيف الطرق ، فإن طرق لندرة عند وقوع الأمطار تكون لكثرة المارين وحلة للغاية ، وليس من يرى في ذلك مشقة ولا شيئا ، ثم وجود مقاعد يستراح عليها ، ففي باريس كلّما أعيا الماشي وجد دكّة أو مصطبة يجلس عليها ، وفي لندرة لا يمكن للإنسان أن يقعد إلا في بيته أو في محل قهوة ، وبئس ذلك مقعدا. ثم التطريب بآلات الموسيقى ، ففي باريس تضرب العساكر بهذه الآلات في عدة مواضع وخصوصا في الآحاد والأعياد ، وفي لندرة لا شيء من ذلك ، وقد عزف بها بعض أيام في إحدى الغياض المنتابة فأبطلها رئيس المطارنة بدعوى أنها مناقضة