تكون فرنسا العزيزة عليّ» ... فما كاد يتم قوله هذا إلا وصرخ رئيس أهل الفتنة ويعرف باسم «صانتر» بأن تضرب الطبول ويضرب عنقه ، فلما صعد المكان الذي أعدّ لقتله ضجّ القسّيسون وهم يصرخون «يا ابن مار لويس اصعد إلى السماء». وبعد أن ضربت عنقه حملت جثته ودفنت في قبر مليء جبسا ، وجعل حرس عند قبره إلى أن بليت بالمرّة. وفي هذه الساحة نحو خمسة وعشرين عمودا لها قبب في أعلاها ، وهي مضلّعة مذهبة ولكل منها جناح يقلّ فانوسين مذهبين ، وهي تظهر للناظر في الليل كأنها أبراج نجوم ، وطول هذه الساحة ٢٤٨ مترا ، وعرضها ١٦٩. فأما حديقة القصر الأمبراطوري فلا يحكم لها بالفضل لسعتها وعظمها ، وإن تكن أنيقة زاهية وإنما لكونها مجتمعا للناس ، فتراها مشحونة بالكراسي والمقاعد ينتابها المتكيّسون والمتكيّسات عند العصر وخصوصا في الأعياد. وفيها تماثيل عديدة ومحل ينال فيها الطعام والشراب ، ولهذه الحديقة درابزين حديد جليّ يطيف بها رؤوس رماحه مذهبة. وقيل إن هذه الكراسي التي فيها مضمّنة بمائة ألف فرنك في العام ، فإذا لم تقصد هذه الحديقة لتسرح ناظرك في محاسنها فذلك دليل على فساد مزاجك.
عمود نابوليون الأول
«الخامس» عمود نابوليون الأول صنع على مثال عمود تراجان في رومية من ألف ومائتي مدفع من نحاس ، كان قد غنمها السلطان المشار إليه من عساكر النمسا والروس ، وقد نقش خارجه بصور الوقائع التي انتصر فيها ، وصور آلات الحرب ، يصعد الناس إلى أعلاه لرؤية المدينة في مائة وست وسبعين درجة ، وفي قنته تمثال نابوليون طوله إحدى عشر قدما ، وارتفاع العمود مائة وخمس وثلاثون ، وزنته ٠٠٠. ٣٦٠ ليبرة. ويقال لهذه الساحة «بلاس فندوم» باسم دوك فندوم ابن الملك هنري الرابع لزنية ، بدئ بها في أيام لويس الرابع عشر. وفي يوم ميلاد نابوليون الواقع في الخامس عشر من آب تأتي الناس بأكاليل من زهر ويضعونها على الدرابزين المطيف بالعمود تذكارا لمآثره. ولما دخلت عساكر الدول الأجنبية مدينة باريس كان من همهم بادي بدء أن يزيحوه ، فلم يقدروا ، وكان من قبله تمثال من نحاس للويس الرابع عشر