بلاس دو لاكنكورد
«والرابع» الساحة المسماة بلاس دو لاكنكورد ، وهي بين الغيضة المذكورة وبين حديقة التولري ، يجوز الناس من هذه إلى تلك ومن تلك إلى هذه ، وفي هذه الساحة حوضان كبيران وسع كل منهما خمسون قدما ، وفيهما تماثيل من نحاس تقذف بالماء صعدا فيقع على شبه جرن عليه تماثيل أربعة أولاد وبطّة ، يخرج الماء من أفواهها ، فيلتقي كلا المائيين ، وينحدران إلى الحوض وبينهما عمود جلب من مصر عليه حروف بلسان قدماء مصر ، قال غالنياني هذه المسلة أنتزعت من موضع بمصر أمام هيكل طيبس بمصر ، الذي بني سنة ١٥٥٠ قبل الميلاد ، واسمها «لكسور» محرفة عن القصر ، وكانت إحدى اثنتين جاد بهما محمد علي باشا على دولة فرنسا تذكارا لألفتهما ومودتهما. والثانية لم تزل في موضعها ، ولا بدّ من أن تجلب ، وقد أنشئ لنقل الأولى سفينة مخصوصة في طولون وذلك في سنة ١٨٣٠ ، وفي سنة ١٨٣٦ نصبت بحضرة الملك لويس فليب وآله ، وأهل المناصب ، وبحضرة مائة وخمسين ألفا من الأهلين ، وفي مدة نقلها ونصبها لم يحدث أدنى خلل ولا أذى ، طولها اثنتان وسبعون قدما ، ووسعها من أسفلها سبع أقدام ، ومن أعلاها خمس أقدام وكسر ، وزنتها خمسمائة ألف رطل ، وآخر ما صرف على تحسين هذه الساحة بلغ تسعمائة ألف فرنك ، وقال آخر أنشئت هذه الساحة في سنة ١٧٥٤ ونصب فيها تمثال لويس الرابع عشر على جواد وعلى قاعدته تماثيل القدرة والحزم والعدل والسلم ، ولم تكد هذه الساحة تتم حتى حصل فيها نائبة عظيمة في يوم عرس لويس السادس عشر ملك فرنسا ، وهي هلاك مائة واثنين وثلاثين نفسا في الزحام ، وفيها أي في هذه الساحة قتل الملك المذكور وزوجته ماري أنطوانيت ومدام رولاند وشارلت كوردي وغيرهم. قلت كان لويس السادس عشر حفيد لويس الرابع عشر وتزوج بنت ملكة أوستريا المسماة ماريا تريزيا ، واتهمته الفرنساوية بأنه كان ذا ضلع عليهم مع النمسا فتحزب جمهورهم عليه وحكموا عليه بالقتل ، فلما جيء به إلى مقتله قدم غير جزع ولا وجل وكلّم الناس بصوت جهير قائلا : «ألا يا أيها الفرنسيس إني أموت بريئا من الذنوب التي تجنيتم بها عليّ ، وإني أسامح جميع أعدائي ، وأتضرع إلى الله تعالى أن