الأرض لادخار الفحم ، وغسل الثياب ، وما أشبه ذلك. وبعضها كبير ، وبعضها صغير ، ومن ثم يمكن للإنسان أن يستقل بدار منها.
«الثالث» أن درج باريس متين جدا ، ومبلّط الغرف التي بنيت من عهد حديث من خشب متين جلي بهي ، ومبلط الديار القديمة من الآجر الأحمر ، وفرش المبلط بالبسط ، أو الزرابي غير مطرد ، وإنما يجتزئون عن ذلك بنحو سجادة يجعلونها عند الموقد. فأما في لندرة فإن جميع المساكن مفروشة بالبسط ، ولذلك سببان ، أحدهما : أن البسط فيها رخيصة ، وفي باريس غالية. والثاني : أن خشب المبلّط في لندرة قبيح وسخ فكان لا بد من ستره.
«الرابع» أن جميع طيقان باريس تنفتح على مصراعين كالباب ، فيسهل غسلها وتنظيفها بأهون سعي ، وطيقان لندرة لا يفتح إلا نصفها الأدنى صعدا ويبقى الأعلى مطبقا ، فلا يمكن تنظيفه فيكون لا بد من استخدام من ينظفه من الخارج وهو معنت شاق.
«الخامس» أن مواقد ديار باريس هي في موازاة البلوط ، ولا يمكن طبخ شيء عليها ، وجلّ وقودهم إنما هو الحطب لا الفحم المعدني ، فإنهم يكرهونه غاية الكراهية لرائحته ، وتوسيخه الثياب ، ولا يطبخون عليه أصلا. وحين كنا نوقده للاستدفاء على عادة الإنكليز كانت خادمتنا تتأفّف منه ، وغير مرة غشي عليها منه. وفي بعض الغرف والدكاكين يوقدون ما أطفي من الفحم ، أو الفحم مع الحطب في كوانين عالية من الحجر القيشاني الظريف ، أو من الحديد. وقد تكون متصلة بقصبة من حديد نافذة في الحائط ليخرج منها الدخان ، وقد لا تكون. وفي الجملة فإن مواقد لندرة أحسن ، فإنها مجعولة لأن يوقد فيها فحم الحجر ، ولأن يطبخ عليها ، وذلك لارتفاعها عن المبلط ، هذا في الديار الصغيرة. فأما في ديار الكبراء فتكون أيضا في حيز المبلط كما هي في باريس. والحكمة في ذلك عندهم وعند أولئك إيصال الحرارة إلى الأرجل ، فإنها أحق الأعضاء بالدفء. والحاصل أن الشتاء داخل الديار في لندرة أهنأ وأهون ، وذلك لاعتنائهم بفرش المساكن والدرج ، وبكون المواقد قابلة لوقيد الفحم كما مرّ. وأنت خبير بأن بناء الحجر يحدث رطوبة أكثر من الآجرّ.
«السادس» أن لكل طبقة من ديار باريس مرحاضا ، ووراءه مصب للماء. وفي ديار