البريد
وقال آخر وفي باريس تفرق المكاتيب سبع مرات في كل يوم ، وذلك من الساعة السابعة ونصف صباحا إلى الساعة التاسعة مساء ، وأول من رتّب البريد لويس الحادي عشر ، وفي سنة ١٧٩٢ اطرد ترتيبه كما نراه الآن.
أوجه الاختلاف بين باريس ولندرة
وقد حان لي هنا أن أقول إن باريس تشبه لندرة في كونها شطرين يفصل بينهما نهر ، إلا أن نهر باريس صغير لا يسع المراكب الكبيرة ، وتخالفها في أحوال كثيرة :
«أحدها» أن ديار باريس من الحجر فلا يزال ظاهرها أبيض أنيقا بخلاف ديار لندرة فإنها مبنية من الآجر ، فلا يأتي عليه سنتان أو ثلاث إلا ويسودّ من كثرة الدخان والضباب ، بل المنازل المبنية فيها من حجر تسود أيضا.
«الثاني» أن ديار باريس متناسقة الارتفاع في الغالب متناسقة الظاهر ، فإنها كلها بيضاء متناسقة وضع الشبابيك ، أما ارتفاعها فإن بعضها يشتمل على سبع طبقات ، فربما ارتقى فيها الإنسان مائة وثلاثين درجة حتى يصل إلى غرفته ، فهي من هذه القبيل متعبة ، ولكل طبقة فانوس يشعل بالغاز ، ولكل دار رتاج كبير لا يزال مفتوحا إلى نصف الليل ، وبواب يتبوأ كنّا بالقرب منه ، فإذا خرج أحد السكان أعطاه مفتاح غرفته ، ومتى رجع أخذه منه ، وإذا غاب بعد نصف الليل أطنّ الجرس ، فيقوم البواب من فراشه ويفتح له. ولا بد أن يعطيه شيئا في مقابلة ذلك ، هذا إذا كان في دار مفروشة. فأما إذا اكترى شقة من دار تشتمل على مبيت ومقعد ومطبخ فله أن يأخذ مفتاحه معه ، وعند ذلك يحتاج إلى أن يستخدم امرأة لتصلح له مسكنه ، او يستأجرها ساعة أو ساعتين في النهار ، وربما كانت هذه المرأة أجيرة عدة أشخاص ، فتذهب إلى كل منهم في ساعة معلومة. ولا يمكن لغريب بل لأهلي أن يستأجر دارا من بابها بجميع مرافقها وذلك لكبرها وغلائها ، فكل دار في باريس عبارة عن قصر. فأما ديار لندرة فلا تزيد غالبا على أربع طبقات ، ثلاث ظاهرة وواحدة تحت