منشستر ، احتاجوا إلى أن يتساهلوا مع جيرانهم في أشياء تستميلهم إلى زيارتهم ، وذلك أن أول ظهور التمدن والفنون في أوربا إنما كان في إسبانية ، حين كان المسلمون مستولين على الأندلس.
عرب الأندلس وأوربا
قال فلتير : وكانت ملوك الإفرنج جميعا تستخدم الأطباء من العرب واليهود ، والتزم البابا يوحنا الثامن أن يدفع للمسلمين في كل سنة خمسة وعشرين ألف رطل من الفضة ، وذلك سنة ٨٧٧. وقد دخلوا إيطالية ونهبوا كنيسة ماربطرس ، وفتكوا بالجيوش الفرنساوية الذين كانوا ساروا إلى رومية لإجارة أهلها تحت راية القائد لوتاريوس. وفي القرن الثاني عشر كان المسلمون مستولين في أسبانية على أحسن البلدان ، منها بورتغال ، ومورسية ، والأندلس ، ووالنسية ، وغرناطة ، وطرطوسة ، وامتد ملكهم حتى إلى وراء جبال قسطيل وسيرقوسة. أمّا دار الخلافة فكانت في قرطبة وفيها بنوا المسجد العظيم المشهور ، قبوه مرفوع على ثلاثمائة وخمسة وستين عمودا ، وهو من مرمر غريب الصنعه ، بديع الإتقان ، ولم يزل معروفا إلى الآن باسم «مسك» أي مسجد ، مع أنه حوّل كنيسة. وكانت الصنائع والفروسية والأبهة في عهدهم في مزيد ، وكان عندهم مواضع شتى للفرج واللهو. أمّا علم المساحة والفلك والكيمياء والطب ، فلم يكن إلا في قرطبة دون غيرها من سائر المدن ، حتى أن صانكو ملك ليون الملقب بالسمين اضطر إلى أن يسافر إليها ، ليأخذ الطب عن رجل كان مشهورا في عصره ، فلما استدعى به الملك أجابه مع الرسول قائلا : إن كان للملك حاجة إليّ فليقدم عليّ. وقال بعض المؤلفين إن المسلمين ملكوا من البلاد في مدة ثمانين سنة بعد الهجرة ، ما لم يملكه الرومانيون في مدة ثمانمائة سنة.
هدية هارون الرشيد لشارلمان
وقال فلتير في موضع آخر : وأول ساعة دقاقة عرفت في فرنسا هي التي أهداها