قيّم الآلة المعدّة لتبليغ الخبر ، فإن كان يراد توجيهه مثلا إلى باريس سلّمه إلى قيّم آلة باريس ، وهلم جرا.
ثم دخلنا موضع الآلات وهي على الصفة التي رأيتها أولا ، غير أني رأيت التبليغ هنا على يد النساء لا الرجال ، وكيفية ذلك أن تقعد المرأة على كرسي وتمسك بيدها مقبضا من خشب ، وتحركه حركات مطابقة لاصطلاح الحروف ، فيتحرك السلك المشرب من روح التوتيا والنحاس ، فيحرّك الإبرة في المحل المبلّغ إليه الخبر على حسب حركات اليد ، وترى البنت تحرّك هذه الآلة كما يحرّك العازف يده على آلة الطرب بغاية ما يكون من الخفة. وبينما كان الرجل يكلمني أمام آلة إذ رأينا الإبرة تطرق على المسمارين ، ثم حركت البنت المقيض وسكتت ، ثم تحركت الإبرة أيضا ، وكان ذلك بأسرع من أن ينطق المتكلم بعشر كلمات ، فقال لي الرجل :
ـ أتدري ما سبب حركة الإبرة مرتين؟
قلت :
ـ لا.
قال :
ـ قد ورد خبر من ويانا يراد تبليغه إلى ليفربول ، فبلّغته البنت وجاءها خبر بوصوله.
فبقيت مدهوشا متحيرا ، وأخذت أفكر تفكيرا مضطربا في كيف أن هذا العلم الحري بأن يدعى من العلوم الإلهية لكونه غير متناه ، لم يكشف سره من قبل الآن حين كان النحويون يجيزون ستة عشر وجها في الصفة المشبهة ، ويمنعون وجهين ويختلفون في وجه(٢٤٧). وحين كان العمر يضاع في التعليل والاعتراضات والتجويز
__________________
(٢٤٧) تفصيل مسائل الصفة المشبهة ثماني عشرة : حسن وجهه برفع وجهه ونصبه وجره ، وحسن الوجه برفع الوجه ونصبه وجره ، وحسن وجه برفع وجه ونصبه وجره ، والحسن وجهه برفع وجهه ونصبه وجره ، والحسن الوجه برفع الوجه ونصبه وجره ، والحسن وجه برفع وجهه ونصبه وجره ، ووجهان من المسائل ممتنعان : أحدهما الحسن وجهه بجره ، والثاني الحسن وجه بجر وجه ، واختلف في حسن وجهه.