وعند أهل الشام أيضا.
التلغراف وأنواعه
وفيها رأيت محل التلغراف وهو على نوعين :
الأول المتعارف وهو شبه الساعة الدقاقة في وجهها إبرة من فولاذ موضوعة تحت نصف حلقة ، وفوقها مسماران صغيران من عظم قد رسم فوقهما الحروف الهجائية ، والغالب أن يكون في كل صفحة إبرتان ، فمتى حرّك الإبرة السلك المتصل بها من وراء الصندوق طرقت على كلا الوتدين. ولكل حرف طرق معلوم ، فالألف مثلا لها طرقتان على وتد واحد ، وللباء ثلاث ، اثنتان على وتد ، وواحدة على آخر ، وهلم جرا.
والثاني وهو ما اخترع بعده فكان أوفق وأسهل ، وهو آلة كالدولاب فيها قلم دقيق من فولاذ مركب من أجزاء كيمياوية ، ويمر من تحته سير رقيق من ورق مركّب أيضا ، فيرسم عليه خطوطا سودا وهي في عرفهم حروف. وهناك أيضا آلة كمنوال الحائك ذات أسنان دقيقة بارزة منه ، يمر من تحتها الورق فترسم عليه خطوطا. وقيل إنه يوجد آلة ترسم الحروف المكتوبة كما يرسمها كاتبها سواء ، حتى لو كتب أحد بالعربية شيئا أدّته كما هو ، وهذه الآلة لم أرها.
وأكثر الآلات استعمالا في بلاد الإنكليز إنما هي الإبرة ، وفي بلاد أميريكا الدولاب. وبكل منهما يصل الخبر من لندرة إلى إيدنبرغ ـ وهي مسافة ثلاثمائة ميل ـ في ثانية. وسواء كانت المسافة طويلة أو قصيرة فالتأثير واحد. فأما تحريك الأسلاك فإنه ينشأ عن الخاصية الجاذبة من وضع صفيحة من النحاس وقطعة من التوتيا ، توضعان في الماء فيخرج منها روح يسري في السلك المماس لهما ، ومنه إلى الأسلاك التي ترى عيانا في الطريق ، وقد تراها ممتدة في الهواء بجانب سكة الحديد ، وربما كانت عشرة فأكثر ، وربما بلغ الخبر بعضها إلى مكان وبعضها إلى مكان أخر. وسواء كانت سافلة أو عالية أو على خط مستقيم أو منحرف فلا يتخلف حكم الخبر بها. وقد ثبت بالتجربة أنها تصح تحت الماء كما تصح في الهواء.