في الجانب الأيمن
على دكك عليها زرابي ، وجلست الرجال على الأيسر على دكك متقابلة من دون زرابي ،
وجلس في صدر المحل أربعة رجال ، وثلاث عجائز على دكة عالية ، وجلس دونهم خمس عجائز
، وثلاثة رجال ، وبقوا كذلك صامتين نحو ساعة ، ثم قام رجل من أصحاب الدكة العليا
الذين كانوا أقرب إلى الوحي ، وألقى على الناس كلاما وجيزا نحو خمس دقائق ، معناه
أن رضوان المولى هو بأن يكون عقل العبد منجذبا إليه ، وأنه ستأتي أيام يعين فيها
بعض الناس بعضا بالإرشاد والهداية ، وأن جزاء كل إنسان منوط بعمله وما أشبه ذلك ،
ولم يذكر في كلامه اسم المسيح ، ولا اسم روح القدس. وبعد نحو ربع ساعة قامت عجوز
من أصحاب الدكة الثانية ، فقام جميع الحاضرين وحسرت الرجال عن رؤوسهم ، فإنه لا
حرج على من ظل مقلنسا في المعبد ، وأخذت تصلي بصوت مرتعش نحو خمس دقائق ، فذكرت
اسم المسيح ولم تذكر روح القدس ، ثم انفضوا.
وشعار هذه الطائفة
هو أن رجالهم يلبسون جببهم مثنية على أعناقهم من دون أطواق ، وأن النساء يلبسن
برانيط طويلة من قدّام حتى تغم وجوههن ، وخصوصا العجائز ، وهي غالبا من الحرير ،
وثيابهن من لون واحد. ومن مذهبهم أنهم يجتنبون مواضع الحظ واللهو والسكر ، وأن لا
يحلفوا يمينا ما ولو في مجلس القاضي. ولا يرون في الحرب خيرا ، وحسبك بالسفراء
الذين ذهبوا منهم إلى قيصر الروس عند ابتداء الحرب دليلا. ومن شأنهم الاقتصاد في
النفقات ، وأن يساعد بعضهم بعضا. وقد كانوا في الزمن القديم عرضة للاضطهاد والطرد
، ولكنهم الآن آمنون. ولهم بعض خصائص منها : إذا تكلموا مع شخص أيا كان خاطبوه
بلفظ المفرد ، بخلاف عرف اللغة. وإذا حضر أحدهم مجلس الملك حضر بكسوته الاعتيادية
من دون وضع شعر عارية ، ولا ينزع برنيطته بيده وإنما ينزعها عنه آخر. ويخاطبون كل
واحد بلفظة يا صاحب ، أو يا حبيب ، ولا يتنافسون في الألقاب والنعوت ولا يجودون
بها على أحد. ولا يحدّون على ميت. وعندهم أن النساء في الفضائل والمناقب كالرجال. وعدد هذه
الطائفة في برستول أكثر من عشرة آلاف نفس ، ولا يكاد يوجد بينهم فقير.
قال الفيلسوف
فلتير : لطائفة الكويكر معابد كثيرة في لندرة ، أعظمها الموضع المسمى منيومنت زرته
مرة مع مضيفي ، فاجتمع فيه نحو أربعمائة رجل وثلاثمائة امرأة ،