وصول قاضي المدينة
واتفق بعد نزولي في ذلك المحل أن قدم القاضي ونزل فيه ، وفي الغد حضر نحو أربعين رجلا من شرطة البلد واصطفوا لدى الباب ، ووقف اثنان ينفخان في أبواق من فضة ، ثم جاء ضابط متردّيا لباسا أحمر ، وكان القاضي قد لبس أيضا لباسا أحمر ، وعلى رأسه شعر عارية أبيض ، فدخلا في عاجلة نفيسة وقف عليها رجلان لابسان كسوة مزركشة بالذهب ، كما هي عادة خدّام الأمراء ، ثم دخل معهما رجل حاملا سيفا طويلا في كعبه صورة تاج ، وله ثلاثمائة ليرة في العام لحمل السيف ، ثم ذهبوا إلى دار الحكومة. وكان عن شمال العاجلة ثمانية من الشرطة يحملون عصيا من فضة ، رؤوسها كالمباخر ، واثنان يحملان مزاريق قد غشّيت أعاليها بالفضة. وفي كل سنة يحتفلون به هذا الاحتفال ، فإن القاضي لا يستقرّ في البلدة ، وإنما يأتي إليها أربع مرات في السنة لفصل الدعاوى الخطيرة في أيام معدودات ، وفي مدة غيابه ينوب عنه أناس في فصل غير المهم.
طائفة الكويكرس
وفي برستول كنيسة للطائفة المعروفة بالكويكرس ـ والسين علامة الجمع ـ وهم صنف من النصارى إلا أنهم لا يعتقدون بالمعمودية ، ولا بالقربان ، ولا يقرأون الإنجيل في كنائسهم ، ولا صلوات معينة ، وليس لهم شعائر معلومة ولا قسّيسون كما للنصارى ، وإنما أتقياؤهم هم المتقدمون فيهم. ومعابدهم عبارة عن بيوت لا فيها فرش ولا محاريب ، ولا مذابح ، ولا كتب ولا صور ولا منابر. ويقولون إن التديّن لله لا يكون مرضيا إلا بالروح دون التعبّد بالبدن ، فجميع الرسوم والتكليفات والفرائض عندهم لغو. ويقولون : إن المسيح نفسه كان كويكرا ، وإنه لا يجب تأدية العشور لرؤساء الكنائس ، ويبقون ساكتين إلى أن يوحى إلى أحد منهم في زعمهم ، فيلقي ما أوحي إليه في بضع دقائق وهو واقف ، فإذا فرغ قعد واستراح.
وقد ذهبت مرة إلى معبدهم فاجتمع فيه نحو مائة وعشرين نفسا ، جلست النساء