ـ لا بأس بيّن لها المرة الثانية قدر ما تريده من الملح تفعل.
ثم لمت صاحبة المنزل على طبخها الطعام غير مملوح ، فقالت :
ـ هذا دأبنا ، أرأيت ذلك المخلل الذي أكلته البارحة؟ لو أنك أعطيت زوجي خمسين ليرة لما أكله ، مع أنه كان خسّا بالخل.
وبينما كنت ذات يوم جالسا معهم على المائدة ، إذ دخل طفل لها وهو وسخ الثياب والطلعة ، فقال لها زوجها : لم تغادرين الولد وسخا هكذا. فقالت : قد غسلته هذا الصباح ولكن طبعه أن لا يدع شيئا من ثيابه نظيفا. ثم لجّا في الكلام فما أشعر إلا والستّ قامت وجاءت بالمكنسة لتضرب زوجها ، فهرب من قدّامها فأقبلت تجري وراءه وهو هارب ، فلما لم تلحقه غشي عليها من شدة الغضب ، فتداركها الرجل بالعرقي وبغيره حتى أفاقت ، مع أنها كانت من أهل الصلاح ، وكان زوجها بمنزلة نصف قسّيس.
وصف مدينة برستول
ثم إن برستول هي من المدن القديمة لا بهجة لها ولا رونق ، وهي ضيقة الطرقات قذرتها ، وليس لها مماش رحيبة ، ولا ساحات فسيحة ، ولا مقاعد ولا منتزهات ، ولا محالّ للقهوة أو الحظّ سوى ملهى واحد. وعدد أهلها مائة وخمسون ألفا ، وقلّ فيها وجود غريب. وبيوتها الجديدة حسنة فأما القديمة فلا تصلح لشيء ، فإن صفحها شبه زاوية منفرجة يبدو منه تسنّم سطوحها ، وتجد بين البيت والبيت من فرق خلاء تنبو عنه العين ، ونساؤها يشبهن نساء الفرنسيس في استدارة الوجه ، ولها نهر صغير فيه بواخر وغيرها ، مسافته نحو سبعة أميال يأتيه الجزر والمدّ في اليوم مرتين ، ومنه تسافر البواخر إلى والس ، وقد شرع في بناء جسر عليه من حديد ولم يتم لكثرة مصروفه ، وعند هذا الجسر كانت محلة للرومانيين لما افتتحوا بريتانيا ، وقد بقي من آثارهم حائط كانوا يتترّسون به. قال مؤلف أبجدية الأوقات : كان بناء برستول في سنة ٣٨٠ قبل الميلاد ، وكانت تعدّ من المدن المحصنة ، واسمها في القديم كاير بريتو ، أي مدينة البريتانيين انتهى.